27/2/1946
أيها الرفيق العزيز
مضت مدة طويلة على انقطاع المراسلة فيما بيننا. وفي هذه المدة مرت بي وبالرققاء المجاهدين في الوطن حوادث وظروف فيها الشيء الكثير من العبر.
وقد سررت كثيراً بورود كتابك المؤرخ في 20 فبراير/شباط الحاضر وبالأخبار القليلة الهامّة الواردة فيه. وسرّني بنوع أنك أنت والرفقاء الأعزاء نجيب عسراوي ووليم بحليس وجورج بندقي تترقبون الفرص للعودة إلى العمل بعد الانقطاع عنه في مدة الحرب.
منذ مدة وردني بالبريد الجوي كتاب من الرفيق وليم ومعه كتاب مرسل إليّ من ناموس منفذية الشاطىء الذهبي في أفريقية الغربية. الرفيق رفيق حلبي على عنوان أخي وباسم الرفيق بحليس، وكان كتاب الرفيق حلبي الموجة الكهربائية الأولى التي أوجدت الاتصال مداورة مع المركز في بيروت، وحملت إليّ أخباراً خصوصية عن العمل القومي في الوطن وعن تكليف رئيس مجلس الحزب الأعلى، الأمين نعمة ثابت منفذية الشاطىء الذهبي الاتصال السريع بالزعيم (فتم) إيجاد الاتصال معه. وقد أحدثت أخبار كتاب منفذية الشاطىء الذهبي فرحاً في قلب الرفيق وليم فأرسل إليّ كتاب المنفذية الشاطئية وأرفقه بكتاب يخبرني فيه عن أحوال النزالة السورية في البرازيل، وكم أحدث كتاب ناموس منفذية الشاطىء الذهبي من إنعاش وتنشيط. فأجبته بكتاب قلت له فيه عبارة قريبة من المعنى التالي: "كم كنت أود لو كنتم تقدرون على الإنعاش مثلما تقدرون على الانتعاش ولم أعد أسمع منه شيئاً ويترجح عندي أنّ رسالتي لم تصل إليه، كما أنّ رسائل عديدة مني له ولأخي إدوار لم تصل قط. وأعتقد أنّ يداً في سان باولو تستولي على رسائلي فلا تصل إلى أصحابها فاكتب إلى وليم وقل له إني أجبته على كتابه، وإني وضعت في جوابي مثل المعنى المذكور في العبارة المتقدمة، وقل له إنّ كتبه تصل إليّ وأجوبتي أجعلها بطريق مينس لعلها هكذا تصل إليه.
إني أيها الرفيق العزيز، في عزلة عن المواطنين هنا الغارقين في انحطاطهم وعن مجاري الأخبار الخاصة، ولا يصل إلى يدي مثل جريدة الاتحاد اللبناني البيروتية، ولولا النشرات الحزبية والتآليف القومية التي وردتني بطريق أميركانية لما كنت عرفت شيئاً حتى الآن عن الحركة الوطن غير أخبار صغيرة مبهمة مثل التي تنشرها جريدة الضلال المسماة الهدى الصادرة في أميركانية وتنقلها عنها بعض صحف السوريين العديدة في هذه البلاد. فإذا كان عندك أو عند أحد من الرفقاء عدد جريدة الاتحاد اللبناني الذي يذكر مهرجانات حركتنا في مرجعيون والنبطية وغيرهما من لبنان فليرسل إليّ بالبريد الجوي.
وإذا كان تصريح أحد أعضاء السفارة اللبنانية في البرازيل صحيحاً فهو ينطبق على بشائر حركتنا الواردة من الوطن.
وصل إليّ كما ذكرت آنفاً عدد من المؤلفات القومية بين روايات ودراسات ودواوين شعر سررت كثيراً بها، لأنها تدل على العمل الروحي العظيم الآخذ مجراه، وأكثر هذه المؤلفات وضع في السجن، وهذه حقيقة لها مغزاها العميق.
من الأخبار الخصوصية التي أسوقها إليك أنّ الأمين فخري معلوف الذي اجتهدت كثيراً في توجيهه وتشجيعه أصيب مؤخراً بهوس المذهب الديني الكاثوليكي حتى أنه خرج على المبادىء السورية القومية ذات الصبغة الحقوقية المدنية، ويحتمل أن نفقده بالكلّية إذا لم يحدث له رد فعل يعيده إلى الاتزان الذي فقده.
ومنها أنه قدم للولايات المتحدة للتخصص في درس "الفكر السياسي" في جامعة هارفرد الرفيق غسان تويني الذي شغل مؤخراً وظيفة "وكيل عميد الإذاعة" في المركز وهو من القوميين الاجتماعيين النابهين وخصّته حكومة أميركانية بالترخيص دون سواه. وقد وردني منه كتاب بالبريد الجوي فأجبته عليه في الحال. هو إبن الصحافي الكاتب جبران التويني صاحب جريدة النهار والنائب والوزير أكثر من مرة.
ومنها أن الرفيق أسد الأشقر، الذي شغل مؤخراً وظيفة رئيس مجلس العمد، هو الآن في الطريق إلى أميركانية وقد يأتي أميركة الجنوبية. والخلاصة إنّ أحداثاً كثيرة منتظرة قريباً.
منفذية الشاطىء الذهبي الصغيرة أرسلت في مدة ثلاث سنوات نحو ألف ليرة استرلينية إلى مركز الحزب في الوطن، فساعدت الحركة هناك مساعدة كبيرة، وفعلت في هذا السبيل أكثر من كل فرع آخر في المغترب. فماذا يقال في منفذيات البرازيل ونزالتها الكبيرة.
في الختام، يا رفيقي أقول لك وللرفيق نجيب والرفيق وليم والرفيق جورج، إنه قد يكون موعد العودة إلى الوطن قريباً فليتهيأ من شاء، ولا تنسوا فلسطين والإسكندرونة. ولتحيى سورية.