19/4/1946
رفيقي العزيز
تسلمت كتابك المؤرخ في 10 مارس/آذار الماضي، وسحبت منه قصاصة جريدة الاتحاد اللبناني الحاوية حبر مهرجان الحزب في مرجعيون. فشكراً لك على هذه التلبية السريعة. ثم إني أعلن عمق إحساسي بتهنئتك لي بمناسبة أول مارس/آذار.
ذكرت لي أنك كتابك إلى الرفيق (وليم) بحليس في ما كتبته إليك وأتمنى أن تصل إليّ صورة عن ردّ الفعل لعبارتي من قِبله وقِبل رفقاء سان باولو الذين كنت أرجو منهم أكثر مما حققوا، لأن الرفيق وليم لم يعد يكتب إليّ أم أني لم أستلم شيئاً منه. إنّ عبارتي أشارت مباشرة إلى العمل السوري القومي الاجتماعي في البرازيل عامة وسان باولو خاصة، وذكر أني أعلنت له في كتابى إليه عدم رضاي عن نتائج العمل حتى الآن. وطبيعي أني لم أقصد بذلك المجهود الفردي المقدّر الذي قام به، ولا المجهود الفردي الذي قام به أفراد قلائل واقتصر على بعض النواحي الروحية أو المعنوية أو الفكرية، بل قصدت العمل الروحي - المادي كله لمجموع القوميين الاجتماعيين. فلو أنّ فروع البرازيل وخصوصاً فرع سان باولو، قامت بالأعباء الإذاعية والسياسية التي كان يمكن أن تقوم بها لكانت الحالة المعنوية للحزب في الأميركتين أقوى مما هي الآن. ولو أنّ الرفيق وليم اهتم أكثر بإقناع الرفيق فؤاد لطف الله بضرورة المساعدة المستعجلة لانشاء مطبعة لجريدة الزوبعة وللحركة في المغترب لما كنت احتجت للنزول إلى ميدان التجارة لصيانة مركزي الشخصي وكرامتي في بيئة لا تقدّر شيئاً تقديرها للمال ولا تعترف بأي تطور فكري أو اجتماعي أو سياسي، وكان من وراء ذلك أنّ المنافق جبران مسّوح، الذي صرت أنظر إليه كمعاون فعلي لعمل الزعيم، اغتنم الفرصة ليطوّح بي معتمداً على الثقة التي أوليته إياها فزجّ في شؤوني مهاجراً كرديًّا خسّرني كمية كبيرة من المال الذي اقترضته من ابن حمي للتجارة. ثم إنه بعد ذلك أخذ يغريني بالاشتراك التجاري معه حتى فعلت، وفي مدة ستة أشهر من الشركة ذهب برأسمالها، الذي وضعته كله أنا، ولم يقدّم هو شيئاً غير عمله، وبأرباح العمل كله، وبمبلغ فوق ذلك جعل المحل التجاري تحت عجز أي أنّ موجوداته صارت أقل من الديون التي عليه، وكاد الأمر ينتهي بكارثة لو تمادى جبران مسّوح أكثر، ولو لم أسرع إلى اجراء تقويم لأعمال المحل في مدة الستة أشهر، على الرغم من ممانعة الأثيم مسّوح، وبالنتيجة لم يبقَ أمامي غير تسلّم المحل بخسائره وبلا رأسمال وأعمل أنا وزوجتي على إصلاح التخريب المادي الكبير الذي أتاه المنافق المذكور الذي طردته من المحل، أمام شهود، طرد الأنذال. وقد كلّفني ذلك مرارة ونَصَباً كبيراً وفي مدة سنة كامة من العمل التجاري المستمر بسهر وكدّ تمكنت من تعويض مبلغ الخسارة التي تعمّد إيقاعي فيها جبران مسّوح تنفيذاً لأغراضه السافلة، وبقي عليّ أن أعوّض ما خسّرني إياه قبل ذلك صاحبه (ابراهيم) الكردي الذي كان يكتب إليّ، مسّوح قبل تعرّفي به، أنه "من أركان الحركة القومية في توكومان" وأنه "يستحق شرف الاشتراك مع الزعيم" في عمل تجاري.
والآن يظهر أنّ الحالة ستتغير تغيّراً كليًّا بسبب الحالة السياسية في الوطن وعودة الحركة السورية القومية الاجتماعية إلى فاعلية أشد مما كانت علي، إذ برزت شخصيات جديدة كانت ناشئة حديثة تغذت بتعاليم النهضة وتمثّلت روحيتها فخرجت قوى جديدة تعمل بعزيمة وإيمان، وتهيأ الشعب في الوطن، بالاختبارات الأخيرة التي مرت به، لفهم أحسن للنهضة السورية القومية الاجتماعية.
وقد اتصل بي الرفيق غسان تويني وأوصل إليّ تقريراً ضافياً عن حالة الحزب في الوطن والرأي العام السائد فيه القائل بوجوب عوده الزعيم السريعة. ثم إنّ رسائل وردتني من المجلس الأعلى مباشرة وهي تمهّد لتقرير عودة الزعيم السريعة وموعدها وطريقتها. ومن جهتي أنا فإني مصصم على العودة حالما أستوثق من أنها ممكنة وأنها الخطة المثلى لفائدة القضية.
ولمّا كان يترجّح أن أعود بعد نحو ستة أشهر فإن أريد أن أقف صراحة على إمكان عودة عدد من القوميين الاجتماعيين الذين عملوا في المغترب على صلة مع الزعيم، وأرى أنّ عودتهم مفيدة وضرورية لزيادة عوامل الفوز الروحي والسياسي في الوطن. وسؤالي موجّه، فيما يختص بالبرازيل، إليك و إلى الرفيق نجيب العسراوي والرفيق وليم بحليس وأخي إدوار والرفيق جورج بندقي. وهنالك رفقاء آخرون يمكن النظر في احتمال عودتهم فيما بعد. فأطلب منك الاتصال بهؤلاء الرفقاء في هذا الصدد وأن توصيهم بكتمان أمر احتمال عودة الزعيم سريعاً إلى الوطن كما أوصيك بعدم إذاعة هذه الأخبار. وإني أنتظر رسالة من الرفيق نجيب تطلعني على رأيه. إنّ البشائر والدلائل جيدة والحالة يجب أن تواجه بعزيمة لا تعرف التردد ولا التراوح بين عدة اعتبارات يجب أن تبطل تجاه الاعتبار الأول الأساسي الذي هو: إحراز النصر الأخير للنهضة السورية القومية الاجتماعية.
واقبل سلامي القومي. ولتحيى سورية.
بعد: إذ ما تجده في هذا الكتاب من وصف الحالة المادية وما منيت به من اختلاسات "رفقاء" كذبة مناققين، يجعلك ترى أنه إذا كان يمكن الزعيم تعويض الخسارة في هذه المدة القصيرة وردّ المال الذي اقترضه من ابن حميه فلن يتمكن من توفير المال اللازم لنققة عودته وعائلته إلى الوطن. وفرع البرازيل الذي كان ضعيف المساهمة ماديًّا يمكنه أن يعوض عن أغلاطه الماضية وضعفه السابق.