صدر عن مكتب الزعيم، 26/3/1948
حضرة رئيس وأعضاء مجلس العمد المحترمين،
قد مضى، إلى اليوم، نحو ثلاثة أشهر على انقطاع مجلس العمد عن الاجتماع وعقد الجلسات المتتابعة والمتواصلة للنظر في المسائل والقضايا الإدارية العارضة وفي الموازنة والبيانات المالية وفي التوافق الشكلي والعملي لتنفيذ سياسة الزعيم، كما هو منصوص في الدستور.
إنّ تغيّب حضرة عميد الداخلية مدة طويلة – نحو شهر – في أنحاء اللاذقية وحلب كان من أسباب تعذّر عقد جلسات كاملة في المدة لتي استغرقها غيابه، وأهم الأسباب الأخرى خلو عمدة الإذاعة من عميد، الأمر الذي كان يداوى بحضور وكل عميد الإذاعة جلسات مجلس العمد.
على أنّ الأسباب الحقيقية الكاملة للانقطاع عن عدد الجلسات هي: استمرار التراخي النظامي فى المؤسسات المركزية وفي مقدمتها مجلس العمد ومعظم العمدات.
رئاسة مجلس العمد: في مدة سنة كاملة لم أجد حضرة رئيس مجلس العمد مولياً المسائل الإدارية اهتمامه أو محاولاً حمل قسم من مسؤليات الرئاسة. فهو لا يزور المركز يوميًّا أو مرتين أو مرة في الأسبوع لتفقد الأعمال، وليست له مواعيد دوام لا يومية ولا موقوتة بترتيب ما، وليس له اتصال دائم بالزعيم لتبادل النظر في الأمور الجارية وأخذ التوجيهات في متابعة القضايا والاشراف على معالجتها.
العمدات: إنّ جميع العمدات، ما عدا عمدة الداخلية، تتبع نهجاً لا مركزيًّا ولا دستوريًّا في قيامها بمسؤولياتها.
عمدة المالية: في الجلسات الأخيرة التى انعقدت قبل أواسط ديسمبر/كانون الأول الماضي، كنت قد طلبت من حضرة عميد المالية بياناً عن مبلغ أربعة آلاف ليرة سورية لي في خزانة الحزب من آخر مبلغ مالي دخل الخزانة. لم ينعقد بعد ذلك مجلس العمد لمطالبة العميد ببيانه في هذا الصدد أو في حالة الحزب المالية عموماً.
من جهة أخرى ألاحظ أنّ الداخل والخارج من الخزينة، عدا عن أوامر الصرف التي أصدرها الزعيم لضرورات النشر، يجري على مسؤولية عميد المالية النهائية، أي أنّ حضرة العميد صار عمليًّا، بهذه الطريقة المسيطر المطلق والضابط الأعلى للإدارة المالية فهو يستسلم ويأمر بالصرف بناءً تقديراته وحده، بلا موازنة ولا مراجعة. النتيجة هي أنّ الإدارة الحزبية المركزية تجهل كل الجهل الحالة المالية وأنّ عمدة المالية صارت السلطة العليا المطلقة في الشؤون المالية.
إنّ النتيجة المتقدمة التي تحرم الزعيم والعمد الآخرين من النظر في السياسة المالية، تحرم عميد المالية، بدوره من توجيهات الزعيم ومؤازرة بقية العمد في كل المشاكل المالية وتلافي الأمور قبل اتساع الخرق وتوسيع للموارد وتحسين الفوائد.
إن انقطاع مجلس العمد عن الاجتماع، من جهة، وعدم عودة عميد المالية إلى الزعيم لأخذ موافقته على المصروفات قبل صرفها، من جهة أخرى، يجعل إدارة الحزب المركزية تحت رحمة لا مركزية عمدة المالية واقتصارها على رأيها ومقرراتها في تدبير مالية الحزب وتصريف شؤونه المالية. وقد كنت أبديت لحضرة عميد المالية ملاحظات شفوية سابقة في هذا الصدد في الصيف والخريف الماضيين.
إنّ حاجة الحزب إلى بيانات مالية تامة تلحّ يوماً بعد يوم وبعض فروع عبر الحدود طالبت وتطالب ببيان عن مصير الجريدة والأسهم فلا تلقى مجيباً، الأمر الذي يقلل الثقة ويضعف الإمكانيات المقبلة.
وهناك مسألة المطبعة واستئجارها وإدارتها ووضعيتها، وهي تابعة لعمدة المالية. فهذه تحتاج إلى درس في مجلس العمد و إلى اشتراك الإدارة الحزبية المركزية كلها في تقرير شؤونها ومصيرها.
عمدة الاذاعة: إنّ عمدة الإذاعة كانت من يوم وصولي وظلت، كل مدة الحالة الاستثنائية الطارئة، في حالة استقلال إداري وسياسي مطلق فلا أعضاء مجلس العمد كانوا يطالبون ببيانات ويناقشون الإدارة الإذاعية ولا العميد السابق، المطرود فايز صايغ، كان يعدّ نفسه مسؤولاً تجاه الزعيم أو متوجباً عليه تبيان أغراض عمدته وأهداف إدارته في مجلس العمد.
بعد طرد المدعو فايز صايغ بقي مركز عميد الإذاعة شاغراً وبقيت أعمال العمدة في مجهود وكيل العميد مستمرة في المسائل الصحفية، فلم تعرض قضايا إذاعية من قِبل العمدة في مجلس العمد أو للزعيم، ولم تكن عمدة الإذاعة تراجعني في أمور الإذاعة الحزبية. وألاحظ أنّ العمل الإذاعي الحزبي الإداري هو في شبه شلل وعمدة الإذاعة تحتاج إلى تعديل مستعجل، خصوصاً وأنّ متطلبات النشر تضع على وكيل العميد مسؤولية كبيرة وتكلّفه جهداً لا يبقى له ما يسدّ به حاجة عمدة الإذاعة الإدارية.
عمدة التدريب: إنّ الانقطاع عن مراجعة الزعيم في الأمور والقضايا، البادي في عمدتي المالية والإذاعة، هو أمر واقع في عمدة التدريب. أضف إلى ذلك عدم وجود دوام مكتبي رسمي في مركز الحزب من قِبل عمدة التدريب.
وكان حضرة عميد التدريب قد أبدى فكرة تأليف فرقة قومية اجتماعية لأداء مساعدة حربية في فلسطين وحصل على موافقتي لتنفيذ الفكرة ثم جرى انقطاع كبير.
ألاحظ أيضاً أنّ عمدة التدريب لم تعد تقوم، منذ الصيف، برحلات تفتيشية
وزيارات لمناطق الحزب لرفع المعنويات وحثّ القوميين الاجتماعيين على النظام
والتدريب. وما يقال في عمدة التدريب، في هذا الصدد يقال في عمدتي الإذاعة والمالية.
عمدة الداخلية: إن حضرة عميد الداخلية هو اليوم العميد الوحيد المحافظ على اتصال مستمر بالزعيم، يعرض عليّ جميع القضايا الإدارية التي تعرض له ويبدي لي رأيه ويأخذ توجيهاتي ويعمل على التنفيذ. وإنّ جولاته واتصالاته بالفروع قد أعطت نتائج إدارية محسوسة. ولست أشك في أنّ النتائج تكون أضعاف ما هي لو كانت بقية العمدات محافظة على الطرق النظامية وعلى وحدة العمل ومركزيته.
الخلاصة:
إنّ الإدارة الحزبية المركزية، بصرف النظر عن النقص العددي فى الأشخاص القائمين عليها، هي في حالة تفكك ولا نظامية في أعمالها. وإن استمرار مجلس العمد والعمدات في الحالة المذكورة سيورث الحزب نتائح وخيمة فى الإدارة والنظام والمعنويات والسياسة.
تفضلوا بقبول سلامي القومي ولتحيى سورية.
إلى الرفيق القائد
5/5/1948
حضرة الرفيق القائد،
من ثلاثة أيام كتبت إليك وأرسلت الكتاب بصحبة الرفيق علي عوض. في كتابي الماضي طلبت فعل ما أمكن لفداء أسير قومي اجتماعي وقع في قبضة اليهود في حيفا. والآن أبشّرك أن الرفيق المذكور قد وصل إلى بيروت.
أثبت ما ذكرته في كتابي وهو طلب قدومك إليّ في أول فرصة، لاستعراض الموقف معك. إني أرى "تخبيصاً" عظيماً في الحالة من جميع الوجوه، وخصوصاً من الناحية السياسية، وقتلاً لجهود كبيرة تبذل وكان يجب أن تنهي إلى غير ما انتهت إليه.
حامل هذا الكتاب إليك حمود رفيق جديد فيحسن ان تتعارفا وأن نزيد صلاتنا في هذه الظروف. ليكن جهادك موفقاً لمصلحة الأمة والوطن. ولتحيى سورية.