إلى فريد آغا القلعة (قلعة جي)

30/10/1948
إلى السيد فريد آغا القلعة (قلعة جي)
فندق الأهرام – بيروت


حضرة السيد المحترم،
تسلّمت كتابكم المؤرخ في 21 أكتوبر/تشرين الأول الحاضر ومعه كتاب آخر منكم إلى حضرة عميد الداخلية المحترم تتقدمون فيه إليه "باستقالتكم النهائية القطعية من الحزب" التي تثبتونها في كتابكم الموجّه إليّ.
يشتمل كتابكم إليّ على:
1 - ذكر سفركم المستعجل إلى أوروبة بسبب مرض زوجتكم بالسرطان وإثارة‎ ‏أقاويل وإشاعات عنكم متأتية عن سفركم الفجائي على أثر تسلّمكم بعض المال من أحد الرفقاء.
2 - حساب عن تصرفكم بمبلغ ثلاثة آلاف ليرة سورية (3000 ل.س) تسلّمتموها
من الرفيق زكي نظام الدين وجدول بالمواد التي اشتريتموها بها وأسعارها.
3 – إيضاح عن سبب كتمانكم شراء قسم من الاحتياجات واحتفاظكم به وعدم
ذكركم إياه في جدول سابق.
4 - عدم قبضكم أي مبلغ غير الذي تسلّمتموه من الرفيق زكي نظام الدين.
5 – إنكم، بناءً الإشاعات والاستفسارات التي أثيرت حولكم نتيجه سفركم الفجائي وترك أمور معلقة غير واضحة، رأيتم أنّ كرامتكم قد مسّت "وقررتم بعد تفكير طويل تقديم استقالتكم من الحزب السوري القومي الاجتماعي نهائيًّا وبصورة قاطعة".
فإليكم جوابي على المسائل المذكورة:
1 – إنّ سفركم المستعجل أو الفجائي الذي اقتضى معاملات ترخيص سفر وقطع تذاكر لا يعتبر مانعاً من وجوب المرور بالمركز، أو ترك رسالة مختصرة لأحد العمد أو للزعيم، أو إعلام منفّذ حلب العام بالأمر والضرورة التي قضت بسرعة سفركم واخباره تبليغ المركز أنكم تتركون مسائل معلقة ستعودون لتصفيتها أو ستكتبون في صددها.
‎ إن سفركم بالطريقة المذكورة ثم الاهتمام بمراسلة بعض الرفقاء وعدم الاهتمام بمراسلة
‎ المركز أو بتكييف الرفقاء الذين خابرتموهم إيصال اعتذار ووعد للزعيم بإطلاعه على الواقع لا يتفق بوجه من الوجوه مع الطريقة النظامية المستقيمة في الأعمال
والمعاملات والمسؤوليات. وهذا النقص النظامي الهامّ في تصرفكم يبرر بلبلة الأفكار في صددكم وما جرت من أقاويل غير مسؤولة ويبرر كل سعي للوصول إلى الحقيقة، خصوصاً وإننا نرث حالة من الفوضى المتفشية في الشعب التي أوجدت سوابق في عدد، وإن يكن محدوداً، من الذين انضموا إلى الصفوف القومية الاجتماعية.
2 – إنّ قبضكم المبلغ وتصرّفكم به بدون مراجعة المراجع المختصة وأخذ موافقتها هو عمل غير نظامي وغير صحيح ولا يمكن تبريره بمجرّد الثقة الشخصية. ولو أنكم رجعتم إلى المراجع في هذا الأمر لأمكن تحقيق توفير غير قليل في النفقة وزيادة في كمية المشترى. فإنّ الأسعار التي أثتبموها في كتابكم تزيد نحو ضعفين عن الأسعار المعروضة من عدة جهات، فما اشتريتموه بسعر – 385 ل.ل، يعرض بسعر يتراوح بين 100 ل.س و125 ل.س. يضاف إلى ذلك النقليات. وتفاصيل من هذا النوع كان يجب أن تبحث مع المسؤولين في المركز حال عودتكم من أوروبة. ولكنكم اخترتم أن لا تبحثوا شيئاً وأن لا تجعلوا النظام مرجعكم للوصول إلى الحق فبحثتم عن الأقاويل والإشاعات واتخذتموها أساساً لتقرير ما قررتموه.
3 - إنّ ايضاحكم لسبب كتمانكم ما ابقيتموه في حوزتكم جاء متأخراً جداً عن الوقت الذي كان يجب أن تعلن فيه هذه الحقائق لمن يعنيهم الأمر.
4 – ليس عندنا علم بأنكم قبضتم أي مبلغ غير الذي أخذتموه من الرفيق زكى نظام الدين.
5 - إنّ أخطر ما قمتم به يعد ارتكابكم الأغلاط المبينة في ما تقدّم هو جعلكم نفسكم فوق الأصول النظامية في إظهار الحق وفوق طلب الانصاف بواسطة النظام الذي يدين به الكبير والصغير، فبدلاً من أن تتقدموا من المراجع العليا بأية ظلامة او إجحاف أودعوى حط كرامة لتنصفكم وتضع الأمور حيث يجب، أقدمتم على التفرد برأيكم خارقين النظام وأساس المساواة بين القوميين الاجتماعين في الحقوق والواجبات ووجوب الرجوع إلى القضاء القومي الاجتماعي أو إلى السلطة القومية الاجتماعية العليا في جميع الأمور، خصوصاً أمور الكرامة الشخصية التي يجب أن لا تكون ولا مرّة فوق قداسة القضية العظمى والنظام الأساسي، والتي تجد في النظام وفي متعهديه أقوى ضمان لصيانتها. فاعتباركم كرامتكم الشخصية فوق كرامة القضية المقدسة وفوق كرامة النظام وتصرفكم بوجودكم النظامي كأنكم أنتم تحكمون على النظام لا النظام عليكم أسوة بألوف القوميين الاجتماعيين أمثالكم، جعلكم في حالة خارقي النظام، العاملين بأهوائها الخارجين على مبدأ المساواة تجاه القانون. ووصلتم في هذا التصرف الشاذّ حدّ احتقار الرابطة القومية الاجتماعية وعدّها شيئاً فرديًّا لا يخضع لمبادئ وحقوق عامة لا يمكن للأفراد، مهما كانت مكانتهم السياسية أو الاجتماعية العبث أو التهاون فيها. فلم تتصلوا بالإدارة المركزية حال عودتكم من أوروبة ولم تراجعوها في شيء بعد سفركم إلى حلب وعودتكم منها، بل استقيتم معلومات من أشخاص اخترتموهم وعدتم تبلغّون الإدارة الحزبية العليا انكم تعتبرون كرامتكم الشخصية مسّت بالأقاويل والإشاعات التي ليست الإدارة مسؤولة عنها بل أنتم بما تركتم من غموض سفركم بلا إيضاح والتي تناقلها أعضاء غير مسؤولين. ولو انكم عدتم إلى الإدارة المركزية وجلوتم موقفكم أمامها وطلبتم الإنصاف من الإشاعات لما توانت الادارة في إظهار الحق والحقيقة كما هما.
إنّ الذين يدخلون الحزب السوري القومي الاجتماعي ويقسمون يمينه لا "يستقيلون" منه فلا يوجد في عرفنا شيء يسمّى "استقالة" من الحزب. فإما أن كون هنالك خروج على القضية أو على نظامها وإمّا أن يكون هنالك ولاء تام والعمل بالنظام إلي آخر ما يطلبه. وأنتم فضّلتم قطع الولاء للنظام وعرّضتم أنفسكم للحنث باليمين التي أقسمتموها.
هذا هو موقفكم أحببت أن أوضحه لكم بكل شدّته النظامية وكل حرمة كرامته لتختاروا الطريق التي تريدون سلوكها. وإذا ظنتنم أني أقد أن أساعدكم في شيء فإني دائماً مستعد.
تبقى هناك مسألة تسليم ما بقي في حوزتكم فعسى أن تجدوا الطريقة الأفضل لذلك. وإني بدوري أتمنى لكم كل نجاح شخصي وكل توفيق في خدمة الأمة والوطن.
ولتحيى سورية.

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.