إلى إدوار سعاده


7/4/1949

أخي العزيز إدوار،
تسلمت كتابك الأخير المؤرخ في 19 و20 آذار/مارس الماضي وكنت قد تسلمت منذ مدة كتباً منك جواباً على كتابي الأخير الماضي إليك. الذي حاولت فيه أن أدلّك على أغلاط تفكيرك واستنتاجاتك الجديدة المستعجلة. إذ كنت أظن أنك لا تزال في طور دراسي للموضوع الجديد الذي خطر لك. ولكن أجوبتك هي أجوبة من يعتبر علمه واستنتاجاته نهائية ويدافع عنها كعقيدة. فلم أرد أن أدخل في جدل عقيم معك وفي مناظرة بين علمك وعلمي وتفكيرك وتفكيري. إني أكره الجدل وأحب البحث عن الحقيقة، ولمّا كنت قد اهتديت إلى الحقيقة الجديدة التي أعلنتها لي ولمّا كانت هذه "الحقيقة" مخالفة للحقيقة التي أعلنتها أنا فلا سبيل إلى جدل بيني وبينك، ولست أريد لك إلا ارتياحك إلى ما يستقر عليه فهمك ويرتاح إليه وجدانك.
لذلك لا أريد الدخول في شيء من المواضيع التي تعرض لها في كتابك الأخير وكتبك السابقة، فلست قادراً على الرجوع إلى الأفكار الابتدائية عن تعريف العالم العربي والعروبة التي وصلت إلى حكمي فيها منذ زمان بعيد. إني أريد الاقتصار على إعطائك النتائج التالية:
إنك قد صرت في عقيدتك الجديدة "عربياً قومياً" ولا تزال تحسب نفسك عضواً في الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي لا يجوز أن يكون عضواً فيه إلا من آمن بعقيدته وأقسم بشرفه وحقيقته ومعتقده على اتخاذ مبادئه إيماناً له ولعائلته، وكان يجب عليك أن تطلب حلّك من قسمك وأن تقدّم انسحابك من الحزب حالما صرت تعتقد عقيدة غير عقيدته وتتجه إلى غاية غير غايته. وإني أتعجب من غفلتك أو إهمالك أبسط القواعد الوجدانية والحقوقية. ولمّا كنت قد خرجت على العقيدة السورية القومية الاجتماعية ونظام الحزب السوري القومي الاجتماعي ولم تطلب الحل من القَسَم ولا الانسحاب من الحزب، بل بالعكس أخذت تدعو إلى عقيدة جديدة غريبة عن العقيدة التي تأسس عليها الحزب، فقد قضى الواجب النظامي الدستوري بطردك من الحزب السوري القومي الاجتماعي. لا يمكنك أن تكون سورياً قومياً واجتماعياً وعربياً قومياً في آن واحد، والجمع بين ولاءين خيانة لقضيتين.
والآن وقد أصبحت خارج الحزب السوري القومي الاجتماعي وانتهت مسألتك من وجهة الحزب القانونية، فإني أبدي لك بعض الآراء الشخصية في صدد عملك السياسي. بما أنك قد صرت عروبياً أو عربياً في معتقدك وتريد تحقيق عقيدتك الجديدة، فلا بد من الاجتماع أو الاتصال بالعربيين للعمل معهم. ومن هذه الناحية سينشأ لك مشكل هو مفهومك للعرب والعروبة يختلف عن مفهوم الأكثرية العظمى الساحقة من العربيين أو العروبيين. فإما أن تتنازل عن مفهومك وتنضم إلى فئة من فئاتهم، وإني مستعد أن أقدّم لك لائحة بأسماء أحزابهم، وإما أن تتبدئ الدعوة إلى تأليف حزب جديد للقومية العربية الجديدة التي استنتجتها أنت، وفي هذه الحالة أتمنى لك أن تصيب نجاحاً أكثر من نجاحك في دعوتك إلى القومية السورية التي اعترفت في إخفاقك في الدعوة إليها والعمل لها. وأتمنى أن ينتشر حزبك كثيراً في العُربة القاحلة العدنانية البدوية السعودية وفي العُربة الزاهرة السعيدة (Felix) اليمنية القحطانية؟.
وأخيراً أتمنى لك التوفيق الشخصي.
واقبل سلامي القومي ولتحيى سورية.

 

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.