إلى نعمان ضو

بوينُس آيرس، 30/6/1939

عزيزي الشيخ نعمان،
بكل سرور تسلمت كتابيك، خصوصاً الثاني منهما المؤرخ في 26 الجاري. ومعظم سروري هو لعودة الاتصال بيننا الذي كان قد انقطع بسبب نزوحك عن الوطن، وما خضت أنا من معارك شغلتني عن كل أمر آخر وعن نفسي وصحبي.
إني كنت أتصور ما سأجده في المهاجر السورية من أغراض خصوصية ودعاوات وعنعنات. فإني أعرف جيداً نفسية شعبي العتيقة، وأعرف المهجر، وأعرف أعمال أعداء الأمة ومحبي مصالحهم الخصوصية. ولكني أعرف أن عامة الشعب طيبة القلب قابلة للإصلاح متى أنقذناها من سيطرة النفعيين، وأريناها الطريق القويم نحو الحياة المثلى والفضائل الباقية. وإن لي ثقة بوجود نفوس كبيرة، نبيلة تميّز بين النور والظلمة وتعمل في النور لنشر النور.
إن الصحافيين في هذه العاصمة و«ذوي المكانة» جربوا أن يتعصبوا ضد زيارتي، ظانين أني سألتجئ إليهم. وقد ساء فألهم. إنهم يجهلون خطورة الحركة السورية القومية وقوة فعليتها. وظنوا أن زيارتي للمهجر هي كزيارة أولئك التجار السياسيين الذين تعودوا زيارة المهجر لاستغلال بعض الحوادث وكسب المال، فكانوا يلتجئون إلى بعض «الكبار» ويتوددون إليهم ويحدثون ضجة ويجمعون مبلغاً من المال ويعودون من حيث أتوا.
أما أنا فقد حافظت على حقيقة الرسالة التي أؤديها. وابتدأت الأوساط تتعرف إلى مرافقيّ [أسد الأشقر وخالد أديب] أولاً، ثم تطلب التقدم إليّ. وقد تبين أن لي بعض الأصدقاء القدامى من الشبيبة أمّوا الأرجنتين من زمن غير بعيد مثلك، وبعضهم في هذه العاصمة لهم مركز جيد. وإني متفائل بالنتيجة.
أحب أن أعرف ما يمكن أن تعمل من جهتك بين معارفك وأصدقائك؟ وما هي أهمية المكان الذي أنت فيه؟ وهل الأوساط عندكم تهتم لقضية وطنها؟
وهل هنالك عناصر تريد أن تعمل بإخلاص لمصلحة الشعب السوري عامة والجالية عموماً بوجه خاص؟ وهل هنالك استعداد لمساعدة حركة الإنقاذ القومي التي نقوم بها، وما يمكن أن ينتظر من زيارة أقوم أنا بها أو يقوم أحد ناموسيّ إلى الداخلية؟
أعتقد أنه يمكنك أن تؤدي خدمة كبيرة أثناء زيارتك لمندوسة بالاتصال بالأوساط التي لك علاقة بها وتهيئة الأفكار، حتى إذا وجدت استعداداً طيباً تخبرني بسرعة. إن الاستعداد هنا ينمو والاهتمام يزداد وستتحرك قريباً بعض الأوساط. فإذا وجدت استعداداً حسناً في الداخلية فقد نقوم برحلة سريعة إليها بعد أن نفرغ من هنا، أي بعد بضعة أسابيع.
إني مرسل إليك بعض نسخ قليلة من مبادئ النهضة السورية القومية، واحدة خصوصية لك والبقية لتوزعها على من ترى فيهم الأهلية والاستعداد الطيب. وإني مسرور جداً من استعدادك الروحي، الذي لا يزال كما أعهده. فأنت تمثّل قوة النفسية السورية الحية.
كذلك سرّني أن تكون وعائلتك العزيزة بخير. فسلامي لك ولها.
ولتحيى سورية.

 

 

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.