رفيقتي جوليت

ذهبت هذا الصباح الى عيادة الطبيب لأخذ صورة للمعدة فلما عدت وجدت خالداً ينتظرني ليطلعني على بعض امور ووجدت على الطاولة كتاباً لي ما ألقيت نظري عليه حتى عرفت انه منك.
بعد ان سمعت لخالد وأكلت قليلاً من الفاكهة فتحت الراديو وفضضت الغلاف وجلست أقرأ فأرى تصويرك وأسمع الأنغام الموسيقية. قطعت القراءة عند نهاية الفقرة الأولى لأحس اكثر المجاري الروحية المندفعة مع انغام بيتهوفن. القطعة هي السنفنية الخامسة C Minor التي تمثل صراعاً تنتصر فيه قوة النفس وتتغلب محبة الجمال وبهجة الحياة على عوامل اليأس والانسحاق. وددت كثيراً لو انك كنت في هذه الساعة تسمعين هذه السنفنية. انها تمثل انتصار الحياة على العدم. انها تمثل نفسيتك في صراعها الجديد وفي اتجاهها نحو النصر. فمن يريد ان يعطي لا يمكن ان يكون صائراً الى العدم. انه يسير على طريق الحرية والقوة – على طريق الحياة.
ومما لا شك فيه انه لا يسير على طريق الحياة الا الأحرار الأقوياء، لأن للحياة أعباءها وبعضها ثقيل لا تستطيع حمله الأنفس الضعيفة المستبعدة. وكم أنا مسرورة بهذا الحرية وهذه القوة اللتين تتكشف عنهما نفسك، وكم أهنئك من كل قلبي لأنك وجدت طريق السعاده النبيلة.
وبعد قراءة كتابك صرت اشتاق الى رؤية هذه الطبيعة التي تصفينها، حيث أنت. ولولا انتظاري نتيجة الفحص وتعليمات الطبيب لقررت السفر في الحال. وكان الطبيب قد عين لي موعد اعطاء النتيجة يوم الاثنين القادم في 11 الجاري واليوم بلغني انه قد يتأخر في اعطائها حتى الثلاثاء في 12. أول موعد عينه لي الدكتور مرتيني كان يوم الأربعاء الماضي، أول من أمس، الساعة 19.30 وكان هذا الوقت مخصصاً للمعلومات وتاريخ ابتداء المرض. وفي نهاية المقابلة الأولى طلب مني المجيء الى العيادة ثلاثة أيام متوالية. فذهبت أمس الساعة 15.00 وبقيت حتى الساعة 19.30. ولم آكل طول ذلك النهار شيئاً غير الترويقة في الصباح. وقد اجريت لي عدة فحوص وأخذ دم من أصابعي ومن شرياني وأخذ ضغط الدم عدة مرات. وسمح لي الطبيب ان اتعشى أمس وأعود اليوم الى عيادته من دون ترويقة لأخذ صورتين للمعدة. وسأذهب غداً صباحاً لأخذ صورة ثالثة للأمعاء. ثم أنتظر النتيجة يوم الأثنين أو الثلاثاء. فاذا كانت المسألة لا تحتاج الا لراحة وأدوية وحقن فأقرر السفر الى حيث أنت.
رددت الزيارة منذ الزيارة منذ يومين للسيدين سمعان موسى وأخيه. وكان عنده. بدعوة منه، بعض الشخصيات السورية والأجنبية، وكان هنالك شرب انخاب وحديث.
غداً يكون اجتماع عام لأهنئ القوميين بموقفهم وبنتيجة الحفلة ولأعين لهم قيمة الأمر الذي حدث والموقف الحالي. والقسم الأخير منه سيكون لدرس تركيب الهيآت الادارية وغير ذلك من الشؤون كاعطاء الأعضاء بعض النصائح المفيدة.
اني أود من كل قلبي الا يحدث شيء يمنعني من الذهاب الى مرتفعات كردبة، فأنا لا أريد ان أخسر لذة البحث عن أفضل موقع للعرزال والتعاون على بنائه.
ان النفحات التي أرسلتها قد مرت على وجهي. انها لطيفة هذه النفحات ومنعشة، ونفحة فجر اليوم الجديد الكبيرة العظيمة هي ألطف هذه النفحات واشدها ايقاظاً وانعاشاً.
اتمنى لك كل تمتع جميل وسط الطبيعة الجميلة حيث أنت وأود ان تحافظي على هذه النظرة القوية البهجة الى الحياة وأود ان تكون الماما وكتلينا وديانا(*) في راحة وانشراح.
قد لطفت الجو هنا نفحاتك. واذا تمكنت كنت معك قريباً وفي عنايتك.


ولتحي سورية


في 8 مارس 1940

المزيد في هذا القسم: « ضياي رفيقتي ضيا »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.