اكتب اليك الآن لأطمئنك عني فمنذ كتابي الأخير اليك إلى الآن لم يحدث لي أي انزعاج صحي. ان الوعكة الماضية قد أخرت قليلاً تقدمي الصحي ولكن اثرها زال بالمرة. ويوم كتبت اليك المرة الأخيرة خرجت مساءً على الفرس وركبت عشية كل يوم على التوالي الا أمس الأحد، اذ اكتفيت بالسباحة في البركة مع توفيق ورفيق سعادة والدكتور فرّير وبعض الأساتذة الآخرين وكلهم من نادي الفروسية. فقد كان أمس يوم ضيافة لأعضاء النادي وغداء لحم مشوي في الهواء الطلق قرب البيت. ووجد نحو عشرين ضيفاً أو ثلاثين. وبعد العصر شعرت اني كنت تعباً من سباحة الظهر فلم أركب. واليوم مساء سأجتمع بالرفقاء ولذلك يترجح ان لا أركب. لم اجتمع بالرفقاء كما كنت ذكرت لك لسبب اهمال ولكني اليوم سأجتمع بأي عدد منهم.
يوسف غريب لم يكن قد أتى قبل السبت وحتى الآن لم يبلغني أحد خبر رجوعه ولكني أرجح انه عاد أول أمس أو أمس وسأعلم اليوم عند الغداء حين يعود الرفيق خليل من المدينة واني أتوقع رسالة منك فاني مشتاق كثيرآ لسماع صوتك ولأعرف عن الحبيبة صفية.
لما أتمكن من انجاز مواد الجريدة بسبب كثرة الأحاديث ووجود بعض أهل البيت بقربي، خصوصاً الست اميليا. وقد كنت بدأت "جنون الخلود" أول أمس والموضوع أصبح جاهزآ في فكري. وقدرت اني انجزه أمس ولكن بعض الضيوف جاءوا باكراً ولم أجد فرصة بقية النهار واليوم عولت على الكتابة وبعد الترويقة تنزهت قليلاً ولما دخلت الغرفة للكتابة شعرت بارتخاء وميل الى الراحة ولعل لنوع الترويقة نصيباً في السبب، اذ أكلت صعتراً بزيت ولبنة بزيت وزبدة وعسلاً وشاياً مع لبن (حليب) وأظن ان الزيت مع اللبن أوجد زحامآ في معدتي. فارتحت قليلاً ورأيت الساعة تبلغ الحادية عشرة ونصف فقمت وجلبت دفتر الورق وغلافاً لأكتب اليك أولاً ثم أجرب متابعة كتابة المقال. امّا المقال الآخر لافتتاحية الجريدة فقد كتبته منذ بضعة أيام وصلحت مقالة بكتور مسوح.
متى أنجزت "جنون الخلود" أرسلت المقالات جميعها الى جورج ليسلمها للسيد توفيق ابي نادر. وأطلب منك ان تبحثي في الدرج الأوسط من مكتبي، وهو الذي يقفل بالمفتاح، عن مقال صغير بعنوان " ميت ينعي حيّاً ". فاذا وجدتيه فأرسليه الى جورج ليضمه الى بقية المقالات فقد يحتاجونه.
سأفعل هذه المرة كما فعلت في المرة الأخيرة، أي سأنتظر ورود رسالة منك قبل وضع هذا الكتاب في الغلاف.
أحببت كثيراً الصور. وقد شعرت انها سدّت بعض الفراغ الذي أحدثه بعدي. ان اهتمامك بهذا الأمر كان جميلاً جداً. ومن حين الى حين أعود الى الصور فأنظر فيها. لم أظهر الصور لأحد هنا لأن الجميع منشغلون بأشياء كثيرة وأحاديث شتّى. فاذا عرضت فرصة أريتها للبعض والا فاني أحفظها لنفسي فقط.
احدى الرسالتين من البرازيل من الرفيق بحليس وفيها انه لمّا يتسلم مني جواباً على كتابه السابق اليّ مع اني وضعت الجواب يوم الخميس ليذهب بالبريد الجوي قبل مجيئي من بوانس ايرس ولعله تأخر فسأنتظر حتى أعود. وبحليس يخبرني ان الرفيق فؤاد لطف الله سيأتي الى الأرجنتين في هذا الشهر.
لم يأت مضيفي للغداء في البيت فقد بقي في المدينة عند أبيه ولكني جئت الآن أي نحو 17.30 الى المدينة، اذ خابرت الصديق عبود تلفونياً في اضطراري للقدوم والاشراف بنفسي على تهيئة الاجتماع فذهب بنفسه وجئت معه في سيارته فوجدت رسالتين منك واحدة فيها كتاب منك وكتابان من مسوح وبهجت نبوت وواحدة فيها رسالة من الأمين معلوف.
اني صرت بشوق للعودة الى البيت ولمتابعة العمل. والأرجح ان سفري سيكون مساء الجمعة في 6 فبراير الجاري. فيمكنك مخاطبة المطبعة نحو الساعة 18.00 في يوم فرصتك وتطلبي التكلم مع الرفيق جواد نادر فتبلغه اني سأكون السبت في بوانس ايرس فيمكنه القدوم مع صديقه كاتربونا اذا كان ممكناً لهما. وتخبريه اني تأخرت بارسال المقالات نظراً للأشغال هنا أو لا تذكري له شيئاً من ذلك اذ ستكون المواد وصلت الى المطبعة قبل مخابرته. فغداً أنهي "جنون الخلود" وأرسل الجميع الى جورج.
بلغي سلامي الى الماما وجورج وقبلاتي لك ولصفية.
في 2 فبراير 1942