إلى غسان تويني

 صدر عن مكتب الزعيم 26/8/1946
إلى الرفيق غسان تويني
كمبردج – ماستشوستس - أميركانية


أيها الرفيق العزيز،
كتبت إليك في 4 أغسطس/آب كتاباً شغل 17 صفحة جوابا على كتابك المؤرخ في 22 يوليو/تموز الماضي. وقد شرحت لك فيه، بمنتهى الاقتصاد في العبارات، بعض وجوه نظري ومستنداتها الحقوقية – الدستورية – النفسية – الإدارية في ما يختص بملاحظاتي على بيان "عميد الثقافة الأساسي" المشتمل على التصريح بمسؤوليات غير مندمجة في وحدة مسؤولية الإدارة الحزبي في كل مصلحة عامة وكل عمل مستند إلى دستور المنظمة السورية القومية الاجتماعية.
ثم أني ضمّنت كتابي المذكور التوجيهات والتحليلات التي رأيتها لازمة لتخطيط عملنا القومي الاجتماعي في أوساط مغتربينا.
وأخيراً ذكرت لك فيه انقطاع مراسلات المركز منذ 6 مايو/أيار الماضي وكلّفتك إبلاغ ذلك إلى المركز.
والآن أكتب إليك ثانية قبل ورود جوارب منك لأبلغك ما يلي: إني تسلمت كتاباً من حضرة رئيس المجلس الأعلى الموقر منذ نحو عشرة أيام، وقد وصل إلى يدي في اليوم السابق لسفري إلى خوخوي لزيارة المديرية هناك، ففرّج وصوله كرباً كنت ابتدأت أتضايق منه.
يعلن لي كتاب حضره الرئيس إجماع المجلس الاعلى على ضروره عودتي إلى الوطن "بمنتهى السرعة"، ويعدني بتقرير مفصل يصدر بعد أسبوع وحتى الآن لمّا أتسلمه، وقد كنت أنتظر هذا الكتاب التوكيدي لأبدأ بإنهاء علاقاتي الخصوصية فى هذه البيئة الغريبة.
قد باشرت هدم البناء التجاري الذي اضطررت في هذا المحيط الفقير الثقافة العديم الوجدان القومي لتشييده، ولست أدري كم تطول مدة الهدم، ولكن لا بد من قضاء بضعة أشهر في هذا العمل إذا لم يوجد من يشتري المحل في هذه الآونة.
‎ إني أرى الضرورة السياسية تقضي بتعجيل عودتي فهنالك أمور وحوادث تجري في الوطن لا تدعو إلى اطمئناني، وإني أخشى أن يكون الحزب مطمئناً أكثر من اللازم إلى الفترة التي حصلت فيها الهدنة الداخلية، ولست راضياً كل الرضى من سياسة (صدى) النهضة الاذاعية وإن تكن قد تحسنت نوعاً في المدة الأخيرة، وقد تشاءمت من خبر حلّ حكومة الشام الأحزاب السياسية تحت ستار "القضاء على الشيوعية" التي كان الكتلويون يشجعونها ويستندون إليها في عهد حكومة "الجبهة الاشتراكية" الفرنسية قبل الحرب الأخيرة. وقد وردني خبر يفيد أنّ حكومة لبنان تفكر بالسير على هذا المنهاج.
وكنت أرقب من خلال الأخبار القليلة التي وصلت إليّ في المدة الأخيرة بوادر الحالة السياسية المقبلة التي سيحتاج الحزب إلى حشد جميع قواه المعنوية والمادية لمواجهتها بثقة وثبات، وكانت هذه البوادر تقلقني والآن يزداد قلقي.
يقول حضرة الرئيس في كتابه إنّ عودة الزعيم المسرعة تقتضي جهود الزعيم في المغترب وجهود الحزب قي الوطن، وهو صحيح ويجب بذل للجهود عبر الحدود وفي الوطن بتوافق للوصول إلى النتيجة المرغوبة.
سأحاول زيارة البرازيل في عودتي، لأنها في طريقي، أما أميركانية فزيارتي لها تقتضي: وجود تقدير لفوائد حقيقية، هيولية أو حسية، تستأهل صرف الوقت اللازم وحصول المال اللازم لتسهيل السفر بسرعة.
إني أرى وجوب التحرك من هنا بعد شهرين أو ثلاثة، على الكثير، حتى نوفمبر/تشرين الثاني، فإذا لم يكن قد أنهيت جمع المسائل الخصوصية حتى الشهر المذكور فأكون قد أنهيت الأهم منها. وما تبقّى يمكن، بحكم الضرورة، أن تبقى زوجتي إلى أن تنهيه بالكلّية ثم تسافر إلى بوينس آيرس حيث تقيم مع أمها وإخوتها بانتظار موافاتي إلى الوطن.
ولمّا لم يكن منتظراً أن يبقى لي، بعد تصفية أعمالي وإيفاء ما علىّ، مبلغ يستحق الذكر وكان من الضرورى إبقاء شيء لاحتياج زوجتي وطفلتي، فإنّ تحركي، كيفما كان وأنّى كانت وجهته، يحتاج إلى تأمين مبلغ مالي يجعل سفري ممكناً. ولتحقيق هذه الغاية الملحّة يطلب مساهمة منفذية أميركانية والمكسيك مساهمة فعلية مستعجلة.
إنّ سرعة انتقالي من الأرجنتين تتوقف على سرعة حصول الإمكانيات المادية. فإذا تهيأت مبالغ مالية تسهّل لي إنهاء علاقاتي هنا بسرعة والانتقال. فيمكن أن بكون سفري‎ ‏بعد شهرين، في الكثير، وفي هذه الحالة يمكن المرور سريعاً بالبرازيل إلى الولايات
‎ المتحدة الأميركانية. ويحتمل بعد ذلك، مروري بالشاطئ الذهبي في أفريقية الغربية في طريقي إلى الوطن. ولكن هذا المنهاج يحتاج إلى تأمين نفقاته.
‎سأكتب إلى البرازيل لأضع على الرفقاء هناك مسؤولية المساهمة الفعلية في تأمين سفر الزعيم، ثم أكتب إلى منفذية أفريقية الغربية لتقوم بما تقدر عليه، وسأطلب مساهمة فرع الأرجنتين أيضاً بعد تأمين إرسال مبلغ مالي ما إلى الخزينة العامة في الوطن.
على هذه الخطة يجب أن تنصبّ الجهود، لأنه إذا كان المقصود أن أقود المعركة السياسية في الوطن فلا بد من وجودي هناك، أما إذا كان الحزب يقبل أو يفضّل الانتظار إلى الاهتمام باقتصادياتي وأسباب حياة عائلتي. أما إذا كان الحزب يقبل أو يفضّل الانتظار إلى أن أكون قد جمعت ثروة كافية تغنيني، في تنفيذ خطتي عن تكليفه بأى شيء مادي فلا يبقى لي اختيار.
‎ ما هو المبلغ الذي يمكن فرع أميركانية جمعه بسرعة لغرض سفر الزعيم، هل يبلغ ألف دولار أو خمس مئة؟ على مقدار المال المتجمع تبنى خطة السفر، والنفقة في التنقل إلى البرازيل وأميركانية وأفريقية الغربية هي غير النفقة للسفر رأساً إلى الوطن، وأفريقية الغربية عرضت عليّ من زمان فكرة زيارتها وتعهّدها بالنفقات إلى هناك ومنه إلى الوطن، وسأخابرها الآن في هذا الصدد لأعرف النتيجة الأكيدة.
إنّ المركز قد تأخر عن الاتصال بي مدة سنتين أو سنة، على الأقل، في هذه المدة ضاعت فرصة ثمينة ولا يمكن اغتنام ما تبقى إلا بالنشاط العملي وصلابة العزيمة وسرعة التنفيذ. ‎ ‏
‏أرجو أن تكون وجميع الرفقاء حولك بخير. سلامي القومي لك ولهم ولتحيى سورية.
بعد: كنت قد كلّفت الرفيق ميشال أبو رجيلي الاهتمام بأمر الحصول على آلة كاتبة بالعربية لمكتب الزعيم الذي يحتاج إليها حاجة ماسّة وأخرى للمركز، وأحب أن أعرف هل توفّق إلى شيء، وهل يمكن الرفقاء والمحبذين هناك التبرع بهاتين الآلتين أو بواحدة
منهما؟ آلة مكتب الزعيم يجب أن تكون للحمل Portative وأرقامها يجب أن تكون عربية 1. 2. 3. 4. وليس هندية.

 

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.