27/9/1939
إلى مجلس إدارة سورية الجديدة،
في كتاب وارد من الرفيق توما [توما] إلى الأمين خالد أديب المعيّن حالاً «مفتشاً من قِبل الوكالة العامة لمكتب عبر الحدود» سؤال عن نوع المراسلة التي يرشح الأستاذ حسني عبد المالك للقيام بها حالاً، مع سؤالات أخرى تتعلق بمخابرته والاستيثاق من مقدرته. وقد رأيت أن أخابر المجلس الإداري لِــ سورية الجديدة رأساً في هذه المسألة:
إن من الأمور المقررة أن الكتابة والتحرير والأشخاص المعينين لهما هي شؤون خاضعة لتعليمات الزعيم، أو لعمدة الإذاعة من بعده بدون طويل مخابرة. وبدون أن يكون هنالك مجال للسؤال أو الاستفهام الذي قد يعدّ تدخلاً في خطة الزعيم الإذاعية والكتابية ومشاركة له في مقرراته، فضلاً عن أنه عمل يعرقل سير هذه المقررات ويؤخر الاستتباب الإداري والكتابي في مسألة سورية الجديدة، ويجعل الزعيم عرضة لإعطاء إيضاحات إضافية تستغرق وقتاً طويلاً وجهداً لا لزوم له، خصوصاً في حالة الزعيم الصحية الحاضرة.
ولقد أضر به كثيراً عدم سير أمور الكتابة والتحرير حسب توجيهاته، وكثرة ما كتب وبذل من الجهد في هذا الصدد، حتى كاد يعزم على التخلي عن الاهتمام بأمر الجريدة التي أصبحت تسير في مواضيع كثيرة على غير الخطة التي رسمها، وهددت مركز الحزب السوري القومي وسمعتها وأثّرت على موقفه السياسي وخطط الزعيم السياسية.
إن الزعيم وحده يقرر تعيين محرر أو كاتب أو إبداله، ومتى صدر أمر الزعيم أو تعليمات منه تقضي بوقف عمل شخص أو بقبول عمل شخص آخر، فيجب أن يكون أمراً مفروغاً منه عند القوميين وعند الهيئات التي عيّنها الزعيم.
إن هذا الأمر أو هذه التعليمات هو ما يجب أن يكون، وإن الأسباب الكافية للزعيم يجب أن تكون كافية عند الهيئات الإدارية المعيّنة المكلفة فقط بتأمين سير الأمور الإدارية، ومعالجة شؤون ومسائل أخرى مفصلة في باب الصلاحيات للمجلس الإداري المرسل مع المرسوم بتعيين أعضائه على عنوان الرفيق توما.
إن مسألة حسني عبد المالك قد جرى فيها تدخّل من إدارة الكتابة والتحرير عطّل شيئاً كثيراً من خطة الزعيم، وهو أمر لا يمكنّني بوجه من الوجوه قبول تكراره، فعندي مسائل أخرى أهم من موضوع الجريدة تتطلب وقتي وعنايتي وتمنعني عن بذل كل جهودي في معالجة مسألة ليس لها وجه صريح يمكن الاعتماد عليه. فقد تأخر نشر رسائل أرسلها حسني عبد المالك، لأنّ الإدارة هناك عدّتها «طويلة وغير جذابة» ولا شأن للإدارة في هذه المسالة.
أن تبدي الإدارة رأيها للزعيم من غير توقيف أو تأخير أو تعديل العمل أو الرسائل هو شيء جائز، أما توقيف أو تأخير ما أجاز الزعيم القيام به فتدخّل في سياسته لا يقبله بوجه من الوجوه. فليس من شأن إدارة الجريدة التحريرية أن تعلم وتستقصي ما هو قصد الزعيم من الإشارة بعمل كأن يعطي حساباً عن السبب الذي راى الزعيم أنه يوجب تعيين مراسل في الأرجنتين وتعيين مواضيع رسائله.
أما أن بعض الرياسل قد لا تكون منطبقة على توجيهات الزعيم فأمر من خصائص الزعيم وحده.
وبما أن المراسل موجود قريباً من الزعيم فيمكن الزعيم أن يشير على المراسل بالإصلاح رأساً وبدون واسطة إدارة الكتابة والتحرير. ولكن تدخّل هذه الإدارة في سياسة الزعيم العملية قد عطّل فوائد كثيرة للحركة وللجريدة، حتى كدت أيأس من متابعة العمل.
وبهذه المناسبة أريد أن ألفت نظر مجلس إدارة سورية الجديدة إلى مبدأ أساسي هو:
إن الجريدة أوجدت للحركة لا الحركة للجريدة، وإن الجريدة خاضعة في سياستها لإدارة الزعيم لا الزعيم خاضع للجريدة. ولولا إهمال العمل بهذا المبدأ لكانت قضية تمرين الأستاذ حسني عبد المالك تحت إشراف الزعيم قد انتهت وكان أصبح الآن مستعداً للقيام بالمهمة التي يعهد الزعيم بها إليه.
والآن، بما أن المراسلة من الأرجنتين ضرورية لخطة الزعيم في رحلته وللحركة ولانتشار الجريدة في أميركة الجنوبية أطلب تقرير نحو 200 ملريس شهرياً للمراسل هنا.
وهذا المبلغ يمكن أن يدخل في موازنة التحرير ويخرج من المعيّن للمحرر أو يزاد، وهذا أمر أترك تقديره للمجلس، مع لفت نظره إلى أن انتشار سورية الجديدة في الأرجنتين يعوّض عن هذا المبلغ.
أما قضية إرسال الأستاذ عبد المالك ليتولى التحرير فيبتّ فيها الزعيم ساعة يرى الأسباب متوفرة لذلك. وسأخابركم في هذا الصدد فيما بعد.
أطلب الإجابة السريعة على نقطة مراسلة الأرجنتين، وأطلب أيضاً نشر المقالات التي يرسلها الأستاذ عبد المالك بإشارة مني، وأطلب أن يرسل من الإدارة عدد للأستاذ عبد المالك غير العدد الذي يرسل مبادلة لجريدة السلام وعلى عنوانها.
ولتحيى سورية.