إلى وليم بحليس

14/8/1940

رفيقي العزيز وليم بحليس،
اليوم تسلمت كتابك الأخير المؤرخ في 2 أغسطس/ آب الجاري، وكتاباً من الرفيق [نجيب] العسراوي يبدي فيه انزعاجه من عدم إجابتي على كتاب سابق أرسله إليّ منذ نحو ثلاثة أشهر.
الرفيق نجيب: كتبت إليه منذ نحو 15 يوماً كتابين: الواحد رسمي خاطبته فيه بشأن عضويته فبلّغته أني قبلت اعتناقه مبادئ الحركة وحسبانه رفيقاً قومياً، وأنه لا بد له، لكي يصير نظامياً من تأدية قَسَم الحزب، إما أمام شهود قوميين، وإما بكتابة صورة القَسَم بخط يده وإمضائه وإرساله إليّ موقّعاً، مع إملاء بطاقتَي عضوية أرسلتهما إليه مع الكتاب.
والثاني كتاب طويل أبديت له فيه ملاحظاتي على مقالة قديمة له بعنوان «نحن ....» ووضعت الجميع في غلاف واحد وأرسلته على عنوانه بالبريد العادي المسجل.
وأتمنى أن يكون قد وصل. أما إذا كان لم يصل، وفقد الأمل بوصوله، فيحسن إخباري بسرعة لأرسل غيره.
إذا أتمّ نجيب معاملاته الرسمية، فيصبح في إمكاني تعيينه مرجعاً إدارياً أعلى ليمناس. وإذا أمكن أن تكون أنت وإبراهيم [طنوس] في عداد الهيئة الإدارية هناك فيكون حسناً جداً. وإلا فأكلفكما بالمسائل الإذاعية مع صلاحيات.
في كتاب العسراوي الأخير يقول إن طنوس أرسل يخبره بأن تغييراً هاماً قد طرأ على «ناموسية الحزب». وهذا التعبير غلط لأنه ليس للحزب ناموسية، وإنما هنالك ناموسيات لكل دائرة وكل لجنة وكل مكتب.
والأمين مأمون أياس يمضي في هذه الظروف بلقب «الناموس الأول للحزب» باعتباره ناموس المجلس الأعلى. أما مسألة أسد الأشقر وخالد أديب فليست مسألة ناموسية الحزب.
وهما ليسا ناموسين ثابتين في مكتب الزعيم، وقد عيّنتهما بعد التحاقهما بي في البرازيل ناموسين من درجة ثانية لشؤون الرحلة فقط.
ثم عزلتهما منذ يونيو/ حزيران 1939، كما هو مفصّل في سورية الجديدة فتكون المدة التي شغلا فيها وظيفة ناموس من درجة ثانية في مكتب الزعيم، أثناء الرحلة، نحو ثلاثة أشهر فعليه فقط لا غير. وهكذا لا يكون قد طرأ شيء جديد على مكتب الزعيم.
والشيء الوحيد الذي طرأ هو تجريد خالد أديب من رتبة الأمانة ثم طرده من الحزب وهو عضو بسيط. فيجب إصلاح الصورة السابقة والتزام الدقة في هذه الأمور.
سان باولو: إني لم أكن أجهل وضعية سان باولو وعناصرها، ولكن لم يكن لي خيار في الأمر. وبعد أن رأيت أنه لا دواء للجمود والعقم المصابة به، أهملت أمر اللجنة المفوضة ولم أعد أعلّق عليها أي أهمية إدارية أو نظامية، ووجهت معظم عنايتي إلى معالجة سورية الجديدة التي كلفتني جهوداً عظيمة ولم أحصل إلا على نتيجة ناقصة.
والسبب هو ضعف الحركة وعناصرها في سان باولو، ولأن أحد صاحبي الرأسمال الرفيق فؤاد بندقي له نظريات سياسية خاصة لا يتنازل عنها.
ومع ذلك فالجريدة هي أفضل ما قدرنا الحصول عليه، ويجب تقدير إقدام الرفيقين فؤاد وتوفيق بندقي على وضع الرأسمال والقيام بنفقاتها في هذه الظروف الصعبة. ولو أمكنّي الحصول على محرر للجريدة أعتمد عليه وتكون له الكفاءة لسارت الأمور سيراً أحسن.
أما الرفيقان غالب [صفدي] وفؤاد [لطف الله] فيخشيان المجازفة والتبعة، ولولا ذلك لتغلّبا على صعوبة أن أكثرية الرفقاء الأولين «غير مرغوب فيها» خصوصاً بعد أن فسحت لهما المجال رسمياً لإنشاء فرع سري على حدة.
وإني أنتظر العثور على رجل يصلح للقيام بأعباء سان باولو، وحتى ذلك الحين يجب أن ننسى أن سان باولو موجودة لغير سورية الجديدة من الوجهة الإذاعية والإدارية.
الترتيب الموقت: بناءً عليه، يجب إهمال مركزية سان باولو وكل فكرة مركزية إلى حين. وقد عوّلت على ربط المناطق رأساً بمكتب الزعيم، فيكون هذا ترتيباً موقتاً إلى أن تنضج الأوساط الصالحة وينجلي الموقف تماماً.
وهكذا تكون شؤون ميناس منفصلة عن سان باولو كل الانفصال، وإذا وجدت أنها صالحة لإدارة شؤون ريو فأربط ريو بها. وإذا وجدت فيما بعد أن ذلك يكون كثيراً على كاهل ميناس فصلت ريو وجعلتها مرتبطة رأساً بمكتبي. وهكذا سأفعل بسنطس، مع أنها تابعة لسان باولو، وقد لا أفعل فأنشئ هيئة إدارية جديدة في سان باولو المدينة أكلفها بشؤون الولاية فقط.
ثم إني سأنتخب عدداً من المؤهلين أجعلهم تابعين لسلك الإذاعة العام، وأعيّنهم برتبة مذياع عام، فيكون لكل منهم صلاحية الاتصال بغير القوميين في كل مكان، وبالتكلم في الأوساط القومية نفسها بما فيه فائدة القضية وتقوية المعنوية.
سأرسل إليكم في البريد القادم العادي عدداً أقل مما كنت أريد من بطاقات العضوية، إلى أن نكون قد جددنا طبع عدد منها.
كتبت منذ أيام إلى إبراهيم أيضاً وأخبرته عن كتابي إلى نجيب، وآمل أن يكون قد تسلّم كتابي.
جمعية ثقافية: إني قد عزمت على تعميم إنشاء الجمعيات السورية الثقافية في جميع المهاجر القومية، إذ إن الثقافة ناحية أساسية من نواحي عملنا. وأنا لا أقصد من ذلك مجرّد ستر الحركة ووقايتها، بل تنشيط العمل التثقيفي الذي هو في أساس جميع أعمالنا الأخرى.
وبنتيجة إنشاء الجمعيات السورية الثقافية، يصبح من الواجب إنشاء مجلة ثقافية جامعة تنشر المحاضرات والأبحاث والأخبار الثقافية التي تصدر عن هذه الجمعيات.
في الأرجنتين الجمعية السورية الثقافية لها مركز في بوينس آيرس وفروع في الولايات، كل فرع مستقل بجميع شؤونه الإدارية والمحلية، ولكنها جميعها تتبع منهاجاً عاماً ينظر فيه كل سنة مجلس مؤلف من مندوبين عن المركز والفروع، مندوب واحد عن كل مركز.
وهكذا يمكن أن يحدث في البرازيل، وإني مستعد لإرسال نسخة من القوانين الأساسية، متى أصبحت الاستعدادات وافية عندكم.
ولكن الجمعية الثقافية يجب ألا تنشأ إلا بعد نشوء الفروع الحزبية التي تأخذ على عاتقها تنفيذ فكرة الجمعية وفاقاً للتعليمات المطاعة. ففكرة إنشاء فرع أو مركز في سان باولو قبل وجود العناصر الحزبية القومية الصالحة للسير بالجمعية على المنهاج المقرر والتعليمات الصادرة من المرجع الأعلى، ليست فكرة صالحة عملياً، فنشوء الحزب يجب أن يسبق نشوء الجمعية.
عسى أن تكونوا جميعاً بخير. ولتحيى سورية.

المزيد في هذا القسم: « إلى نعمان ضو إلى جورج بندقي »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.