في سفري أمس بين سنتياغو وتوكومان لم افكر الا بك وكنت أعد الدقائق أثناء سير القطار ورغبتي في الوصول الى توكومان تزداد بدافع الأمل ان يكون قد سبقني اليها كتاب منك.
بلغت توكومان فاستقبلني على المحطة جمهور القوميين وقدمت لي باسمهم الرفيقة لوريس مسوح باقة زهر. وما صدقت ان بلغت بيت المدير حتى سالت اذا كان لي كتب فلم يكن لي شيئ.
خاطبت القوميين قبل العشاء، ثم ذهبت الى الحمام فتحممت وتعشيت مع جمهور من المدعوين وبصعوبة شديدة نمت بضع ساعات آخر الليل.
وقد أخبرتني الرفيقة بلوميا مسوح ان رزمة وردت بالبريد أول أمس باسمي الى بيتها. فأرسلت من يجلبها في الحال فاذا هي لفةفيها الجزمة مرسلة من قبل يوسف بهنا وليس معها كتاب.
اليوم صباحاً تسلمت رزمتين واحدة فيها نسخ العدد 65 من "سورية الجديدة" والأخرى فيها عشرة نسخ من "La Tempestad" ومع الرزمتين لفة كبيرة فيها نسخة واحدة من "سورية الجديدة" ولكن لم أتسلم كتاباً.
لا يمكنك ان تتصوري باي شوق انتظر كتاباً منك الآن. أنّي سرت شاعراً انك معي. ان نفوساً كثيرة ترافقني في قصدي ولكن نفسك ترافقني بشعور الحياة. هكذا أشعر أو هكذا أحب ان أشعر. اما انا، من حيث دوافع نفسي، فأريد ان أرافقك بشعور حياتك. هكذا أحب ان تشعري. وفي هذا الموقف وهذه الحالة أرغب في ان أسمعك تتحدثين. وبهذا الشعور انتظرت وانتظر كتابك.
يظهر لي ان الجو في بوانس ايرس غير صاف وقد تكون هنالك أزمة جديدة. ولكنها اذا جاءت فستكون خاتمة الأزمات. أظهرت لخالد حين جاء الى المحطة في بوانس ايرس اني أسمع عن لسانه أقولاً غير مريحة وحذرته. ولكني لم أرتح للموقف الذي وقفه وهو قد يكون الآن عاملاً على افساد الجو فأحب ان يصل اليّ شيء عن الحالة هناك.
بعد قليل سأدرس الحالة هنا مع الرفيق جبران مسوح ثم مع هيأة المديرية في الليل وأقرر برنامج العمل المقبل الذي يجب ان يكون سريعاً ليس فقط من اجل ان أراك قريباً بل من اجل ان أضع حداً للأعمال الضارة وان أكون قريباً من الاتصالات الضرورية في هذه الظروف ومن اجل الاهتمام بما هو أهم وأبقى.
أريد كتاباً منك. هذه مسألة هامة جداً لي. ومهما يكن من أمر الظروف المحيطة بك فاريد الا تتسرعي في أمر ما. وأطلب منك الحيطة الشديدة في الامور التي هي في عهدتك. فالخيانة والنفاق والمآرب الذاتية تتفشى في بوانس ايرس وتتناول اشخاصاً عديدين. ولكني قد واجهت أزمات أشد من هذه الأزمات وسأرى كيف انقذ الموقف.
النجاح في سنتياغو كان كبيراً بالنسبة للوقت والظروف وهنالك امكانيات كثيرة للانتشار في الداخلية. ولكن عملي انا يجب ان يكون في غير هذه المسائل فالأخبار عن الوطن لا تدعو الى الارتياح خصوصاً الخبر الذي نشر هنا أمس ببرقية "ليونيتد برس" عن احتمال "اتحاد سياسي عسكري" بين سورية وتركية.
ان الخائنين ليست لهم ضمائر تدفعهم الى الاهتمام بهذا الموقف الخطير فكل ما يهمهم هو الاهتمام بمآربهم واثارة المشاكل المعرقلة من اجل غاياتهم الخصوصية.
أود ان يكون عندي كتاب منك قريباً.
ووسط هذه القضايا والأعمال أقف وأنظر اليك وأقبلك عن هذا البعد.
ولتحي سورية
في 21 مايو 1940
بعد: لتكن رسالتك اليّ دائماً مسجلة ككتابك الأول.