بعد ان تلقيت، هذا الصباح، كتابي اليك في صندوق البريد تابعت طريقي وصعدت الى مرتفع في سفح الأكمة القائمة وراء لُس كوكس ثم رجعت فتغديت ونزلت الى غرفتي الجديدة. وهي قائمة تحت زاوية غرفة الأكل وتحت طتولتي رأساً. ومنها يُسمع خطو قيِّم الموائد وقرقعة الصحون والطناجر من المطبخ المطل على الباحة التي أمام الغرفة. ومتى فرغ القيم من عمله في المأكل وانتهى غسيل الصحون ساد السكون فاذا الغرفة هنيئة المسكن، جيدة الهواء لوجود نافذتين تعلوان الى قرب السقف. فدخلت تحت غطائي على سريري الجديد المسطح كما يجب ولكني لم أتمكن من النوم. نظراً لتعب اعصابي، الابعد نحو ساعة ونصف. فأفقت وقد كادت الساعة تبلغ الخامسة ب.ظ ولم أنهض حتى بلغت 17.15، فغسلت وصعدت فتناولت الشاي ونحو الساعة 18.30 خرجت اتنزه. فأخذت الطريق التي خلف الفندق وسرت والريح تهب شديدة. فبلغت حرجاً قد رصع الربيع أشجاره بالأزهار كما ترصع النجوم القبة الزرقاء. وكانت الريح تحمل في هبوبها عطر الأزهار فانتعشت لشمها وابتهجت بجمال البرية. فتذكرتك بشوق شديد ووددت لو انك تسيرين معي. ولم أشأ ان تكون هذه البرية لي وحدي. وبما انه ليس بالمستطاع ارسال نصفها فقد قطفت لك بعض أزهارها العطرة. واخترت منها مناراتين وسبعة كواكب لتكون لك وحدك. وها أنا أضعها ضمن هذا الكتاب، وأضع الباقي في غلاف آخر لتختاري ما ترغبين وتهدي ما تشائين لأهل البيت.
أرجو ان تكوني جيدة الصحة منبسطة النفس. وأقبلك
في 18 اكتوبر 1940