تسلمت، عصر أمس وأنا في سريري للقيلولة، كتابيك الأخيرين المؤرخين في 19 و21 اكتوبر الجاري والعدد 87 من "سورية الجديدة" وعددين من السمير وقطعتين من جريدتين من البرازيل.
كنت قد ذهبت الى سريري لأُقيل وحاولت ان أنام فلم أقدر لأني كنت أتوقع ورود كتاب منك وتوزيع البريد الى الفندق يكون عادة نحو الساعة 15.30. واذ لم يردني كتاب منك أول أمس كنت واثقاً من ان كتاباً يصل أمس وكنت بشوق كثير الى كلام منك والى أخبارك فلما طرقت ابنة صاحب الفندق الصغيرة نافذة غرفتي قائلة: "سنيور هاي دُص كرتس فرا أوستد" قفزت من السرير الى النافذة وأخذت الكتابين والجرائد وعدت الى سريري ففتحت الغلافين والقيت نظرة على الغلافات الداخلية ثم أخذت كتابيك وأخذت في قراءتهما وأنا أشعر ان عبارات منهما تلامس قلبي رأساً.
هنا البرية جميلة والربيع بهج. ومع أني أشاركك الرأي انه يمكنن ان ننتظر فرصة اجمل من هذه لنسير في البرية الجميلة معاً ونتحادث فاني كلما خرجت اتنزه وأتأمل الطبيعة ذكرتك أو ان بعض مظاهر الطبيعة تذكرني بك انت التي أحببت الطبيعة كثيراً وأحببتها لي أكثر مما احببتها لنفسك. فهنا شحروران على أغصان بعض الأشجار ثم يفرّان أمامي. وفي مكان آخر فيما سائر في سفح الأكمة تنفر أرنبة أو أرنبتان. والأشجار والأزهار والهواء. فأذكرك وأود لو انك الى جانبي لأحدثك، مع يقيني اني يجب ان أكون وحدي هذه المرة مكتفياً بمرافقتك لي بالروح.
اني أحببت ان تكوني مشاركة لي في ما أرى وأشعر في هذه البرية ولذلك أرسلت اليك رمز رغبتي هذه زهرات متعددة قطفتها خصيصاً لك ووضعتها ضمن غلافين أرسلتهما يوم السبت الماضي في 19 الجاري. وقد تعجبت، بعد قراءتي كتابيك من خلوهما من ذكر وصول الكتابين المذكورين. وقد يكونان تأخرا بسبب عطلة آخر الأسبوع، أو بسبب اني وضعتهما في صندوق البريد القريب من الفندي، بدلاً من حملهما الى دائرة البريد، اذ كان الوقت ممطراً. فالعادة هي ألا يمر أكثر من 24 ساعة على كتاب بين لُس كوكس وبوانس آيرس. فعسى ان تكوني تسلمتيهما.
لا أعرف ماهو قصد السيدة لاس من طلب عنواني لابنتها. مهما يكن من الامر فلا بأس ان تعلم هرمينة عنواني كما انه لابأس ان تعلم السيدة مريانا خوري عنواني، اذ اني أفكر بالكتابة اليها لأني غادرت بوانس آيرس من غير ان أراها أو اودعها بالتلفون. وكذلك سأكتب الى السيدة دعد نعيم للسبب عينه. وقد فكرت بالكتابة الى اميليا وسأقول لها ان تخبر السيدة مريانا أين أقيم.
بعض الكتب التي ورد كانت ذات أهمية. وأني أذكر، بهذه المناسبة، اني طلبت منك في أحد الكتابين المرسل معهما رمز البرية هنا، ان تنقلي لي الصورة الرسمية التي وجهت بها خطابي السابق الى السيد رافلس وهي موجودة في نسخة على الماكنة على ورق عليه عنوان جورج، ضمن دفتر المراسلات الاسبانية. والصورة التي أعنيها هي صورة التوجيه الرسمي كأن أقول "حضرة صاحب السعادة" أو "حضرة السيد" أو غير ذلك وقد نسيت كيف خاطبته أولاً وأريد المحافظة على الصورة عينها حين طبع الكتاب الجديد على الماكنة هنا.
سرّني ان صحتك أحسن وأنك تقومين بما هو متوجب عليك.
صحتي أنا تشعرني كأن حملاً عظيماً سقط عن رأسي وعاتقي. ولكن نشاطي يعود ببطء وهنالك معاكسات الظروف، اذ في كل مكان جديد يجب علي ان أحل مشكلة تحضير الطعام بالصورة التي توافق معدتي وهذا يكلف، غالباً، بعض الوقت وبعض الانزعاجات التي تؤخر عودة النشاط العصبي. ولكني في كل حال أحسن من ذي قبل وأسير في طريق التحسن ويوم الأحد المقبل أو الأثنين أبدأ ما وصفه لي الدكتور حداد وأتوقع ان تكون النتيجة حسنة.
بلغي الماما وجميع الأهل سلامي. وأود أن أعرف انك بلغت الى ما يجب من الراحة والانتظام والصحة ولاتنسي انه يجب علينا بناء عشنا.
أقبلك وأرجو ان تسلمي لي.
في 23 اكتوبر 1940