حبيبتي!

بعد إرسال كتابي أمس اليك وردني كتابك الأخير فسررت به جداً وكان شبه لقاء لي بك.

مما لا شك به ان الوعكة التي أصابتني أخرتني عن ان أكون الآن في حال أتمكن فيها من السيطرة على الموقف. فان أفكاري تجري بسرعة لادراك الأمور. وكل يوم جديد أشعر بسعادة جديدة لأنك أنتِ كنت السبب في ايقاظي لنفسي فأدرك أين أنا فأجدني في محيط من الذئاب الخاطفة كل انسان همه لنفسه والجميع، الا الذين لا مآرب خصوصية لهم وهم خراف، يريدون ان يستغلوني ثم ينبذوني واذا كان جبران مسوح في عداد هؤلاء الذين يريدون استخدام اسمي ونفوذي لقاء اعترافهم بعملي فلن تكون لي ثقة بكثير من الناس بعد اليوم.
كتبت اليك أمس في ما يتعلق بموقف بعض أعضاء المديرية في بوانس ايرس من أمر خطبتنا وقلت لك ان تخبري الرفيقة اميليا بالأمر لتستكشف ما يدور في أوساط الأعضاء وسهوت ان أقول لك ان تكتمي اسم من نقل اليّ الأخبار أو أَن توصيها بكتمانه. فاذا كنت لمّا (Not yet) تقولي لها فالأفضل الاّ تعطيها اسماء فتقولي ان بعض الأعضاء كتب اليّ، واذا كنت قد أعطيتها أسماء فخاطبيها بسرعة لكي لا تبوح لأحد بها.
وقد وردني في بريد أمس الكتاب الذي كنت انتظره من الرفيقين اميل بندقي وبهجة نبوت وفيه أخبار ما جرى وأسماء الذين يقولون"لا يحق للزعيم ان يتزوج وسورية موجودة في الحالة الحاضرة. انه يمثل قضية عظيمة فاذا تزوج فأوقاته لا تسمح له بأن يكون بكليته للقضية: وغير ذلك من الكلام المرسل على عواهنه. وهم ابراهيم نبكي. علي بَّوز. الياس مرجان. فريد نزها. فيليب شديد.
ويقول الرفيقان بندقي ونبوت ان البعض اقتنعوا بوجوب عدم التعرض لحياة الزعيم الخاصة والبعض ظلوا على رأيهم وفي مقدمتهم: ابراهيم نبكي. وعلي بوز. فيليب شديد. وأفضل ما يجب فعله الآن هو عدم الاهتمام بهم بالمرة.
كل ما أريده الآن هو ان لا تذهب "الزوبعة"منيدي بسبب وجودي في هذا المعزل. وأريد منك، يا حبيبتي، الا تهتمي مطلقاً للموقف الانحطاكي الذي يقفه هؤلاء الخاملون وانسي هذه المسألة بالمرة فهي لا تستحق الاهتمان وما يستحق الاهتمام هو مسألة "الزوبعة" فقط.
كنت أول أمس وأمس أشعر بشيء من الضعف بسبب قلة الغذاء فقد كنت انقطعت عن الترويقة المعتادة من هِرْطُمان "OATMEAL" وخبز وزبدة وعسل وشاي مع لبن (حليب) واقتصرت على اللَبن الخاثر والخضار المسلوقة. ولكن اليوم عدت الى الهرطمان مع قليل من الخبز والزبدة والحليب بدون شاي وأخذت حبة "تبلوا" وأشعر الآن اني أحسن. ان اثار العارض انقطعت من يوم أخبرتك آخر مرة بالآثار القليلة الباقية. وبعد صرت ألاحظ ان حالة امعائي طبيعية وأشعر الآن بأن الانزعاج الداخلي من هذا العارض قد زال وبعد سبعة أيام أُخر أعود الى الحقن، اذ أكون قد تشددت وأرجو ان تسير الأمور بصورة طبيعية فلا يمضي شهر حتى أكون قد قطعت شوطاً بعيداً نحو الصحة التامة.
أرسلت اليك مع كتاب أمس كتاباً لتضعيه في البريد الجوي المسجل يوم الاثنين وهو لأخي. واليوم أرسل كتابين الواحد للرفيق جورج بندقي والآخر للرفيق الياس فاخوري فضعيهما في البريد من غير تسجيل.
حبيبتي! كوني قوية كما أعهدك ولنثق بمستقبلنا. اني أراه يقترب وانتظره بهدوء شاعراً انك الى جانبي وان مثلنا العليا ستنتصر في سبيل الحياة الجديدة.
وأنا أيضاً أريد من كل قلبي ان أسلم لك ولذها أنا أقيم هنا هذه المدة. ففي سلامتي لك انتصار لحبنا ونجاح للقضية القومية.
ان شعوري دائما معك وحبك يملأ قلبي.

فَلْتَشمُلكِ العناية

ولتحي سورية


في 8 نوفمبر 1940

المزيد في هذا القسم: « حبيبتي! حبيبتي! »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.