كان ابتهاجي شديداً بوصول كتابك أول أمس وبرفقته علبة فيها قميص من اصلاح يديك وقنينة لبن خاثر وىلة التصوير وثلاث بكرات شريط لها وقنينة أُدُول.
قرأت كتابك وأنا في سريري نحو الساعة 15.30 وتصورتك جالسة في هدوء الليل تفكرين بي في الساعة التي أفكر أنا بك والليل الهادئ وأنا متكيء في سريري أنظر الى صورتك الى جانبي فأشعر انك بقربي في حين أشعر انك بعيدة عني. وقد أثر فيَّ اغتمامك الذي كنت أتوقعه للأخبار المزعجة. بعد قليل نهضت ولبست وفتحت العلبة وأخرجت ما فيها وأعطيت اللبن للاستعمال وأكلت عصريتي. ثم خرجت في نزهة قصيرة عدت بعدها الى ادارة مباراة في الشطرنج بين عدد من النزلاء الذين رغبوا اليّ أن أكون حكماً بينهم وهم سبعة أشخاص ثلاث سيدات وأربعة رجال. وكنت قد بدأت أشعر باستعادة شيء من قوتي بفضل زيادة كمية الطعام والعودة الى حبوب "تبلوا" وأقراص الكلسرنات. بعد العشاء أويت الى غرفتي وتمددت في فراشي وأخذت أفكر بك. وقبل ان يستولي علي النعاس سمعت هبوب الريح في الخارج ثم قطر الغيث ثم انهماره فتذكرتك وقد أخذ نفسي الحنين اليك ورويداً أخذتني سنة الكرى. هل تشعرين بمبلغ شوقي اليك، الى اجتماعاتنا وأحاديثنا، ولكن يجب ان يمر بعض الوقت في هذه الفرقة القصيرة الطويلة.
نهضت صباح أمس واليوم ممطر فبادرت الى الحلاقة والاستحمان ثم عدت الى غرفتي فأخذت القميص التي أصلحتها أناملك ولبستها بسرور الطفل المبتهج بهدية العيد وشعرت كأن يديك تلمسان عنقي وتوقظان فيَّ موحيات رفقتنا الجميلة. بعد الظهر تحسن الطقس وانقشعت الغيوم وأشرقت الشمس. فخرجت بعد العصرية وأخذت بعض صور. وقد كلفت ابنة أصحاب النزل، وهي في نحو العاشرة من عمرها أو أقل، ان تأخذ صورتين لي ففعلت وأتمنى ان تخرج الصور جيدة فأرسل اليك نسخاً منها غداً أو بعده.
طوق القميص جاء كما يجب وقد استحسنته جداً. واذا لم تسمن عنقي كمثيراً فقياسه حسن وهو لا يضغط على عنقي كما انه ليس أوسع من المطلوب. ويمكنك، يا حبيبتي، ان تصنعي بالقميصين الباقيين ما صنعتِ بهذا القميص متى كان لك فراغ من الوقت. ولا حاجة لارسالهما اليّ هنا لا احتاج الى هذا التجهيز.
لا أريد أن أفكر الآن في شيء من أمور الحزب أو الجمعية الثقافية ولولا الضرورة الملحّة لما خابرت الرفيق مسوح في شأن الجريدة ولما أرسلت أجوبة على بعض الكتب التي وردتني من البرازيل. زكذلك لن أخابر الرفيق نبكي في أمر أوراقي فاذا كان ذلك متعذراً على السيدة الرفيقة اميليا فلتطلب بهنا وتقول له ان الزعيم أرسل يسأل ماذا جرى في مسألة الترخيص له البقاء هنا.
وردني أمس مع كتابك الأخير كتاب من الرفيق مسوح مؤرخ في 8 الجاري وكل ما يقوله فيه انه نال الامتياز "الزوبعة" وانه كتب الى الاخوين بندقي كما أشرت عليع واني أنتظر جوابه على ما كتبت اليه في أمر ملكية الجريدة وشخصيتها.
ابتدأت أتحسن يوماً بعد يوم وأريد أن أواظب على العناية بصحتي، خصوصاً والطقس يتحسن، الأمر الذي يساعدني على التنزه في البرية كما أحب. وسآكل اليوم على الغداء قطعة لحم مشوية وشيئاً من الخس والبندورة. وأعتقد اني سأعود الى الحقن يوم الجمعة أو السبت القادم وتكون الأولى. وبهذه المناسبة أريد ان أخبرك بما اكتشفته أول أمس وهو اني جلبت للترويقة مجمع الزجاج الذي فيه حلو البرتقال من صنع بيت الرفيق فريد نزها. ولما فتحته وجدت على سطح الحلاوة عفونة. وتذكرت اني تناولت من هذه الحلوى نحو ملعقة صغيرة بعد العشاء في ذلك الليل الذي استيقظت بعده منزعجاً وشاعراً بتهيج الامعاء وبت أعتقد انه كان لهذه الحلوى ضلع في ما أصابني. وقدرميت الحلوى. وأمس شعرت ببعض آلام في معدتي أظنها من اثار التسمم الذي حصل لي، الذي أعتقد انه كان بسبب الحمى التي انتابتني أول يوم الوعكة. وهذا درس يعلمني وجوب الوقاية والفحص.
سأعود الى التقليل من الكتابةاليك، لأنصرف بالأكثر الى التنزه الضروري ولكي أتمكن من كتابة بعض ما يطلب مني بدون تعب. ولكن حيثما أكون فأنت معي وشعوري معك.
فعلت حسناً بارسال آلة التصوير والأدول.
حبيبتي لك قبلة تحمل حنيني اليك والى الكتاب التالي.
في 11 نوفمبر 1940