حبيبتي!

عسى ان تكوني قد تسلمت أمس كتابي الأخير اليك من "لُس كوكس" والصور التي أرسلتها معه. وعسى ان تكون قد سرَّتك الصور.

نقلت أمس الى هذا المكان الجميل. اذ لم أعد استطيع البقاء يوماً آخر في ذلك الفندق لس كوكس. وقد كنت منزعجاً ومعدتي متعوبة من سوء تحضير طعامي. ويا ليتني نقلت منه في البدء عندما عزمت على ذلك بعد وصولي بنحو يومين. واني أعتقد انه لو كان طعامي منتظماً هذه المدة لكانت انتظمت حركة معدتي. وكنت قد شعرت منذ مدة، حين حدث بعض الانتظام في تحضير طعامي، بتحسن الهضم وتقدم في القابلية واذا بهذا الانتظام يضطرب بتغيير الطاهية وباساءة طبخ الخوخ المجفف كما أخبرتك في كتاب سابق. وأقمت انتظر عودة الانتظام الناقص على يد الطاهية الجديدة وقلت في نفسي قد يكون ذلك أخف علي من الانتقال الى مكان جديد. فما قاربت الطاهية الجديدة ان تسير على المنهاج المقصود حتى غادرت الفندق وحلت طاهية جديدة محلها وسيدة الفندق لا تكلف نفسها الاهتمام بغير اعطاء التعلميات وملاحظة الطعام العمومي وهي قد اعتادت الحيل في تشكيل الأسباب لارضاء النزلاء.
الفندق هنا حسن الترتيب والبناية جيدة وصالحة لفندق والموقع جميل ومنفرد. وقديماً كان هذا المكان محل اقامة انسان أثرى صدفة فاشترى هذه الأرض وأقام فيها بناية. وقد أضيفت اليها بناية الفندق حديثاً. الأرض المحيطة بالفندق، الخاصة به، واسعة جداً وحول بناية الفندق أشجار صنوبر وأرض الفندق وما حولها تشكل متنزهاً جميلاً. وملعب التنس جيد وبركة السباحة كبيرة وعميقة والى جانبها بركة أخرى صغيرة، أي ضيقة، للمسابقات. وهي نحو ثلاثة أضعاف أو أربعة أضعاف بركة مَضيِف أغوي دي أورو. وموقع الفندق منعزل عن الطريق العمومية ولذلك لا يصل اليه ضجيج وجلبة ولا دخان وغبار ولولا الأولاد الصغار الذين يجةن كثيراً، خصوصاً حين يكون الطقس ممطراً كأمس، اذ يبقون في الداخل لكان سكون الطبيعة صافياً.
اليوم الطقس جميل وقد خرجت في نزهة قصيرة ولا أزال أشعر بانزعاج هضمي ولكني اعتقد انه لن يطول أمره. ولا أعتقد اني أبقى في هذا المكان الى ما بعد 15 الجاري. لذلك يحسن تحويل الرسائل الى كردبة شارع كُرينتِس 244.
الطبيعة هنا جميلة في كل الأماكن التي عرفتها ولكنها غريبة وغير مؤنسة. ولكن الانس سيكون معنا حين نكون معاً وعسى ان يكون ذلك قريباً. اني أشعر باقترابي الى بوانس ايرس وهذا الشعور يسرني كثيراً، لأنه يعني لقاءنا. والآن لك مني السلام الحاوي عواطف حبي العميق لك.

بعد: كنت قد ألاسلت كتاباً الى الرفيق اميل بندقي أكلفه أخذ صورتي والأُطر الموجودة في دار الجمعية ونقلها الى عندك نظراً لاضطراب موقف الأعضاء وطلبت منه ان يخبرني عن موعد سفره الى البرازيل فلم يجبني فهل لك ان تسأليه بوسيلة من الوسائل أو ان تسأله ديانا أو اميليا في هذا الأمر وسبب عدم جوابه؟
في 11 ديسمبر 1940

المزيد في هذا القسم: « حبيبتي! حبيبتي! »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.