حبيبتي،

استيقظت باكراً جداً اليوم، قبل الفجر، فوجدتني افكر بك وبصفية وبمسائلنا التجارية، خصوصاً بما كتبته لك أمس بشأن تغيير البيئة واختبار كردبة مقراً لنا حيث لنا اصدقاء معروفون، وان يكن لنا هناك أيضاً اعداء كثيرون، وحيث لا يوجد تجار سوريون للانواع التي نتاجر بها. وخطر لي انه يمكن الاستعانة بفؤاد دبغي، بدلاً من دروج وغيره فهذا شاب مستقيم وذو همة ونشاط وعمل وسأكتب اليه اليوم أو غدّاً واذكر له عملي التجاري وامكان اشتغاله معي علىان يكون له شيء من الارباح.

وتذكرت اني سهوت عن ذكر صدور الحكم باخراج الكردي من محلنا في مايفو. فقد فتحت مسألة تأخر الحكم لابن صاحبة الدار، حين جاء يقبض اجرة الشهر، وقلت له اني اعلم ان لأمه نسيباً معيناً ناموساً عند احد القضاة ولابد من ان يكون ذا معارف في الدوائر الأخرى فلعل امه ترى ان تراه وتخابره. فابلغها ذلك وفي اليوم التالي خابرتني السيدة ولداس واكدت لي انها ستفعل باشارتي. فتدخل النسيب المذكور وصدر الحكم. وحسب معلوماتي السابقة كنت اعلم ان الكردي سيستأنف وهو قد فعل. وأمس خابرتني صاحبة الدار فلغتها ما جرى فقالت لي انها سترى نسيبها مرة اخرى اليوم أو غداً لعله يقدر ان يتدخل في أمر الاستئناف أيضاً لتعجيل الحكم النهائي.
اذا تم ذلك قبل آخر الشهر أو عند آخره فأرى ان ننقل محلنا الى الدار في مايفو فهي على اسمي واذا كان جبران في بوانس أيرس لا تبقى حاجة لأخذ محل ومسكن معاً إلا تسهيلاً لمساعدتك انت، خصوصاً اذا لم يتسنّ لنا استئجار دار حائزة الشروط المطلوبة.
مع كل احتياطاتي هنا وكل اجتهادي لنفي الظنون الغريبة عن جبران فلم اعد مطمئناً داخلياً اليه. وعلاقاته، في المدة الأخيرة، مع نبيهة توثقت كثيراً حتى صارت أحاديثه معها تتخذ صفة الاسرار والتهامس. ونبيهة، كما تعلمين، تتهيأ لبيع حانوتها. وعندما اسألها ماذا ستفعل بعد ذلك تقول: "بنشوف" ثم تقول انها في الأول ستصرف بعض الوقت في الراحة في سنتياقو ولدسما وبعد ذلك ترى ما تفعل. ويتبادر إلى ظني انها متفاهمة مع جبران على الانتقال الى مكانٍ ما وفتح محل بيع ورق. ولا يبعد ان يقصدوا كردبة لهذذه الغاية وهنا يبدو لي استحسان السرعة في درس ناحية كردبة. وقد اذهب اليها لهذه الغاية حالما تعودين من بوانس أيرس.
يترجح عندي اننا سنصل سريعاً الى موقف حاسم مع جبران بسبب أية مسألة من المسائل العديدة المعلقة. فهناك مسألة تصرفه في المشتري الذي اوقعنا في ورطة صغيرة مع برتي، اذ طلب ورق forrar ونحن لا يزال عندنا منه كمية كبيرة والفصل ليس فصل شراء هذا الصنف ثم اضطررته لالغاء الطلب. ثم علمت من منطلدو ان هذا الالغاء عند مصنع قد يؤثر على الكريدتو فقبلت رأيه وكلفته تثبيت الطلب ولم أعد اعرف شيئاً عن وقع اضطراب سياسة المحل عند برتي. وهناك مسألة توقيف جبران عن التصرف بالاسعار. فمع كل تشديدي عليه لا يزال يتصرف تصرفاً شاذاً.
مثلاً: حالما وصلت كمية ورق التطهير الأخيرة بالسعر الذي حزته انتِ ذهب وعرض البضاعة على اخيه جميل بـ 28 ولم يخبرني حتى جاء من بضعة ايام غلام بوداغر يسأل عن السعر الاخير لهذا الصنف فتوجه الى جبران وقال بوداغر يطلب تحديد سعر أخير له ليشتري مئة لفّة قاموسة فقلت للغلام: اننا نبيعه بواحد وثلاثين. فقال بوداغر يتوقع سعراً خصوصياً فقلت له: السعر الأخير له ثلاثون. فأرسل واشترى مئة. بعد قليل قال لي جبران: من بضعة أيام اخبرت اخي جميلاً عن ورق "قاموسة" وعرضت عليه بـ 28 فقال سيرى، واليوم رآني وطلب مني كمية بهذا السعر فاجبته انك تأخرت والآن السعر ثلاثون. وهذا يعني انه لو لم يتأخر اخوه الى ان احدّد السعر أنا لكان باعه ما اراد بالسعر الذي وضعه هو بدون استشارتي. وهناك مسألة التصرف باسم الشركة فاني اريد ان أفهمه ان الادارة كلها تبقى في يدي وان تكون معاملات القبض والدفع كلها في يدي ويمتنع هو عن بت شيء من هذه المسائل والا نفسخ الشركة.
لم ارسل اليك عنوان "اسطكر" لاني لا أعرفه. انا اكتب الآن قبل الساعة التاسعة في البيت. واذا وقفت على العنوان في المحل اضعه قبل اقفال هذا الكتاب.
ملاقط الغسيل قاربت على النفاد فقد بعت قروسين بسعر 4.50 الواحد. وراى ان تشتري كمية اخرى اذا امكنك.
ورق Barrilete سيروج كثيراً في هذا الصيف واني متكدر من جبران لانه عارضني في فكرة البحث باكراً عن هذا الصنف وشرائه والآن ينفد الموجود عندنا بسرعة. أمس طلب مني احد الزبائن الذين كوَّنتهم انا في تجوالي نصف كدسة وعدة زبائن آخرين اشتروا وبعضهم اشتروا بسعر 2.60 المئة. وجبران متكل على السيد ملقى لانه استورد كمية كبيرة من الوان عديدة كلها اسوجية وانا لا اريد الاعتماد على بضاعة السيد ملقى وافضِّل ان اشتري اغلى في بوانس أيرس. السيد ملقى يعرض على جبران الكدسة بسبعة فاس وثمانين أو ستين سنتابو. يمكنك ان تسألي KochوHalvorsen
Stocker و Curt Berger عن هذا الصنف ولعل Serra يتعاطاه أيضاً. وفيما يلي بعض عنوانات:
Curt Berger – 25 Mayo 386 – U. T. 31.1091
Finn – C. Halvorsen y cia – Giles 749.
هذا العنوان فقدت رقم تلفونه الجديد اذ سابقاً في Luis Pena 141 قرب الساحة التي أمام Congreso ويمكنك ان تزوريه في عنوانه الجديد اذا لم تهتد الى التلفون.
ويحسن ان نستورد بريلاته من النوع الاسوجي لأنه ذو لمعان ولا فرق محسوس في السعر. فجبران اشترى سابقاً من آبلو النوع الوطني بسبعة بلا خصم وسعر الاسوجي نحو هذا بخصم من ناشنل. ويحسن ان نشتري نحو 20 كدسة لفصل الصيف.
لا أزيد الآن على ما تقدم واتمنى ان تكوني، يا حبيبتي، بصحة جيدة والعزيزة صفية.
سلامي للبيت وقبلاتي لك ولصفية

ولتحي سورية


في 13 سبتمبر 1944

بعد: ان وجود مساعد لنا في بوانس أيرس في حالة قطع الامل من جبران يكون ضرورياً في المدة الأولى ويا ليت ديانا تتمكن من الاهتمام بطلباتنا الى مدة تنتظم فيها امورنا وبعدها نفكر في ايجاد مكتب رسمي دائم في بوانس أيرس.
بعد بعد: عندما وصلت الى المحل اخرج جبران من جيبه رسالة وقال لي تسلمت هذا الكتاب اليوم. لم يقل ممن، ففتحته وقرأته. هو منك اليه. فلما فرغت قال: " هذا اعظم كتاب تسلمته. لم يردني قط اعظم منه ولا مثله، ولا اقول اتمنى ان تكتب مثله النساء بل اقول اتمنى ان يكتب مثله الرجال".
الكتاب أثّر فيه وأود ان يكون هذا التأثير ليس وقتياً يزول عندما يوجه جبران اهتماه الى مقاصد اخرى.
سألته ماذا تقصد نبيهة من بيع حانوتها فقال انه لا يدري وانها هي غير ثابتة على رأي ولكنه يعتقد انها لن تتمكن من بيع دكانها في هذه الظروف.
اود كثيراً ان يصطلح جبران وسأرى كيف يكون تصرفه المقبل.

المزيد في هذا القسم: « حبيبتي، حبيبتي، »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.