حبيبتي،


في 20 و 21 ديسمبر 1945

اكتب اليك الآن بعد ان مضت أيام لم أتمكن في اثنائها من كتابة اكثر من ثلاثة أسطر لم تكن كافية لأرسالها.

ابتديء إخبارك بالسيء أولاً لاصل الى الحَسَن.
كنت قد عولت على الكتابة اليك والى الماما واهل البيت والى الرفقاء الذين كتبوا اليّ من الشاطئ الذهبي في افريقية الغربية ليوصلوا اليّ بشائِر نشاط الحركة القومية الاجتماعية وامتدادها من جديد في جميع انحاء الوطن، يومي السبت والأحد الماضيين اذ أكون وحدي في البيت لا يقطع حبل فكري شيء. ولكن القدر عاكس كثيراً هذه المرَّة واليكِ ما جرى:
يوم الخميس الذي سافرت فيه عدت، بعد وداعك، الى البيت فتروقت وذهبت الى المحل فعملت الى الظهر ولما اتيت البيت للغداء دخلت الحمام أولاً، وكنت عرقاناً من الحركة والحر، فاغتسلت برشاش بارد منعش ثم تغديت ونمت القيلولة وغفوت. وقرب الساعة الرابعة نهضت فشعرت برأسي ثقيلاً وعينيَّ محمرتين قليلاً فظننت ان المسألة ضعف عادة النوم. فذهبت الى المحل مسرعاً. وفي المساء اتيت ونمت باكراً إلاّ اني شعرت بانزعاج في جسدي وشبه تحقن فيه فظننت الأمر شبقة هواء. وكان عشائي لبناً بارداً مع موز. في اليوم التالي ازداد الشعور بالتحقن والتلبك فأتيت في المساء وحاولت النوم باكراً فلم أكن مرتاحاً، بل صرت اشعر بحرارة داخلية في الجوف. يوم السبت صرت شبه متضعضع وعند الظهر اقفلت واتيت البيت كان الغداء باميا ةلحماً واتى الرفيق عاقل فكلفته اصلاح حنفية الحمّام ودعوته للغداء معي واطعمته اللحم وأكلت انا قليلاً من الباميا فقط ثم طلبت القيلولة فنمت وأخذتني الحمَّى التي ارتفعت فوق 39. في المساء شربت ماءً فاتراً مع ملعقة عسل اتت به السيدة بيلوف وانا نائم القيلولة ثم اخذت حبة كفياسفيرين معرقت كثيراً وبعد ان استكملت عرقي نشفت جسدي ومسحته بالكحل وغيرت البيتجامة والفراش ونمت وقبل الصبح عدت فاستيقظت منزعجاً من جديد وقد تهيج معي السعال. وفي الصباح رأيت ان آخذ مسهلاً فارسلت انطونيا فجلبت "ليموناضة روجاه" فشربتها واستمرَّت الحمَّى بلا انقطاع تخف قليلاً وتعود فتصعد. وكان قد جاءني اميليو في الصباح فكتب عندي شيئاً للمحكمة ووعد بالمجيء في المساء. فلما عاد كانت الحمى علي شديدة وانا شديد الانزعاج فقلت له اني بحاجة الى طبيب فذهب وأتى بإيليا حداد والاثنان خرجا ليستدعيا طبيباً وأخيراً طلبا واحداً من الفولكلينكو فأتى واحد اسمه Guerra وهو جراح توليد. ففحصني وقال انه يرى ان مسألتي احد امرين:
إمّا "قريفة" وإمّا ملاريا مختصة بالمناطق الحارة. وصف لي بعض المسكّنات مثل ابرُموليا وكفيينا ونقطاً للأنف وأخذ عشرة فاس وانصرف. صباح الاثنين فتحت المحل وقد خفت الحمّى قليلاً وشعرت اني احسن قليلاً ولكن عاد الانزعاج بعد الظهر فارسلت انطونيا تستدعي طبيباً قالت انها تعرف انه ماهر في الامراض الداخلية فقلت لها ان تسأل الجيران عن آخر اذا لم تجد ذاك فذهبن وعادت تقول ان الطبيب الذي ارادته لا يمكن ان يغادر المستشفى الا بعد الساعة السابعة والنصف وان عائلة الخباز خيخون اعطتها اسم طبيب آخر مدحته فاستدعته بالتلفون وأرتني اسمه فاذا هو يهودي اسمه داود ونديشانسكي فلمت انطونيا على اسراعها بدعوته. ولكن كان قد سبق السيف العذل لم يطل الأمر حتى طرق الباب ودخل الطبيب الذي فحصني ثم قال انه لا يعتقد ان في الأمر "قريفة" أو ملاريا، بل يعتقد انه يوجد تلوث جراثيم في الامعاء ووصف لي اجراء فحص كريات الدم وان ابدأ بأخذ مستحضرات Anti Coli Crousi بواسطة الفم وسلفاتيامول فرفضت الثاني وقبلت الأول ولكني صبرت الى المساء الى ان ظهرت نتيجة فحص الدم التي نقلتها الى الطبيب بالتلفون فأكد ان الأمر التهاب جراثيمي من جراثيم دخلت مع المآكل وأشار بأخذ الدواء في الحال فأسرعت وأرسلت الرفيق عاقل فأشترى علبة مقاومة جراثيم كولي وفي الحال فتحت انبوباً ومزجته بقليل من الماء المحلّى بالسكر وشربته وسريعاً شعرت برد الفعل ونشوب المعركة. بعد نحو ساعة من اخذ الدواء اخذت صحن شورباء سخنته. وكنت في الفرا وانا اتناول الشورباء وانطونيا قد ذهبت. وما كدت اضع الصحن جانباً وأَسكُن حتى غفوت والنور متألق في الغرفة وبقيت نائماً لا اتحرك حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل فاستيقظت ورأيت النور مشعشعاً فنهضت واقفلته وعدت الى السرير ونمت وباكراً اخذت انبوباً آخر فشعرت اني أتحسن وانقطعت الحمّى. وعادني الطبيب ففحصني ووجد ان الحمّى انقطعت فأشار بمتابعة الدواء والبقاء على الشورباء والفاكهةالمسلوقة وشيء من الخبز المحمص. والآن اسير باعتدال إلاّ انه حدث غلط بسيط للغداء اليوم فقد صنعت لي الخادمة باذنجاناً مشوياً، بعد استشارتي فأكلت واحدة ووجدت انها ثقيلة وتولّد حموضة تعاكس فعل الدواء الذي اشربه، أي Anti coli وقد شعرت بحموضة قليلة وانزعاج خفيف ولكن الحرارة لم تتغير فبقيت طبيعية وسأتوقَّى ما أمكن لكي لا يحدث انتكاس.
دعوى الكردي مُددت مهلة الشهادات ثلاثين يوماً جديداً بسبب غلط اتاه الدكتور ديكس ريتشي وهذا التمديد يوافق نوعاً. وبهذه المناسبة اريد ان اكلفك، فوق تكاليفك الأُخرى، ان تستوثقي من الامور الآتية:
1- انه يوجد دعوى مقامة من الكردي أو من موكله على شركائه في الفحم.
2- في اية محكمة موجودة الدعوى.
3- هل صحيح ان الدكتور المحامي صوايا هو موكل بالدعوى؟
ويجب التأكد من الذي أقام الدعوى هل هو الكردي ذاته أولاً بمساعدة صوايا أم الدكتور صوايا بالوكالة عن كردي.
4- هل حصل، صحيحاً، الكردي على امتياز بالفحم كما يشيع هنا؟
ثم أُحب ان تستوثقي من الأمور الآتية:
1- هل لا يزال المهندس الدكتور Cesar Gondra عاملاً في ادارة الامتيازات بصفة Subcomisario Tecnico؟
عنوان المهندس المذكور Paraguay 416 واسمه كوجزد في دفتر التلفون فيمكن طلب مقابلته لمعرفة هل باقٍ في وظيفته وإخباره اني قد أطلب، عدا عن حكمه في مزيج الكردي الذي تقدمتُ بطلب امتياز له، شهادته الشخصية كشخص تدخل في امر المزيج وفحصه ويؤكد انه لا اختراع فيه.
هذه النتائج أطلبها يوم الاثنين برقياً، اذا أمكنك، وإلا فيمكن الابراق الثلاثاء لكي استفيد واقدّم ما يلزم للمحكمة.
عدا ما تقدم أُكلفك ان تطلبي من افيوني وجواد نادر ان يعطياكِ مقالي الأخير في صدد جبران مسوح الذي كنت ارسلته من تكمان ليصدر في العَدد الماضي ولم يتمكنوا من نشره فيه وكذلك جميع اوراق ووصولات "الزوبعة" وقوائم اسماء المشتركين وجميع كتب "الصراع الفكري" والرفيق عبدالله دروج والرفيق خليل الشيخ متدخلان في هذه المسائل ولهما اطلاع فيمكن الاستعانة بهما.
اخبري الرفيق جواد نادر اني لم اكتب اليه بسبب انحراف صحتي واني قريباً، أي الاحد، سأكتب اليه.
وصلت عيدان المراوح وقد كلف شحنها 26.50$ ولكنها وصلت في الوقت لانقاذ الموقف بعض الانقاذ. فالمطابع تشتغل الآن بسرعة وسيمكن تقديم معظم العمل يوم الاثنين.
سررت كثيراً من سرعة عملك وما حصلته من المفرقعات التي سيكون مجيئها مناسباً للاعياد.
Stocker y cia أرسل واخبرني انه فتح لي حساباً لمبلغ 1.000$ وقد اجبته في الحال شاكراً ودونت طلب غلافات وورق للكتابة وبلوك "Mandinga" فاسأليه بالتلفون متى سيرسل الطلب.
من فومقلي نحتاج الى ما يأتي:
6.000 Sobres No 1760
5.000 “ No 1772
3.000 “ No 1795
5.000 “ No 135
3.000 “ No 136
5.000 “ No Postal
5.000 “ No Pochettes Formidable 1.500 blancos

والبقية بالالوان الموجودة ما عدا habano.
غداً أرسل سنداً الى شوصص بمبلغ الف ومئتي فاس فخابريه تلفونياً واخبريه اني كنت منحرف الصحة واني سأحول مالاً اليه وانه يجب ان يستعجل بارسال 25.000 غلاف رقم 9400 التي كنت طلبتها منه ووعد بارسالها.
سررت كثيراً بفرحك بلقاء الماما وصفية وبقية أهل البيت وانسشاء الله نجتمع قريباً ونسافر الى الوطن.
غداً السبت وبعد غدٍ سأنتهز الفرصة للكتابة الى رفقاء الشاطئ الذهبي لمخابرة مجلس الحزب الذي كلفهم الاتصال بي وسنرى ما يجد.
لا تقلقي عليّ فمتى انتهى العلاج في هذين اليومين وعدت الى الاكل الاعتيادي فكل شيء يعود الى سابق عهده.
اقبلك واقبل صفية واليسار وأرسل للماما وجورج وديانا السلام والمحبة.
ولا تنسي رزنامات جورج ورزنامات قريبة منها لمحليّ انا فاذا امكنك اذهبي الى Americana Impressora واطلبي منها لجورج ولي على ذوقك.

ولتحي سورية

 

المزيد في هذا القسم: « حبيبتي، حبيبتي، »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.