حبيبتي،

سررت كثيراً لذهابك الى مار دل فلاته ولولا القصد ان تتنزهي قليلاً وتغيري الهواء وتري غير وجوه جماعة تكمان لما رأيتُ ان تسافري هذا السفر الطويل لتقومي انت بالاعمال التجارية التي هي اهون عليّ.

وكما تشعرين انت بالرغبة في ان اكون معك وصفية في المتنزّه كذلك أشعر انا وأود لو كنت اقدر أن اطير الى الشاطئ واركض معك على الرمال ونحمل صفية الى البحر ونشجعها على الخوض فيه وكنت أسبح الى الداخل العميق واناديك اليّ كما كنا نفعل في "ماء الذهب" في كردبة. هل تذكرين؟
ومع اني اعلم ان اليسار في مكان جيد مع جدتها فكم كنت اود لو كنت هناك وكانت هي أيضاً معنا لتلوحها الشمس ويصيبها نصيب من الأشعة فوق البنفسجية هناك. ولكن وجودك وحدك هناك في الظروف الحاضرة لا يمكن من أخذ اليسار والخادمة. وقد فعلت حسناً.
اني مسرور جدّاً لأخذك صفية الى البحر لترى وتختبر وتتشجع.
ان سفرك كان ضرورِّياً فقد كانت الأيام الأخيرة هنا، بعد العراك الماضي واتعابه، ضنكة جعلتنا نتصادم في نظرياتنا العملية في المحل. ولكنك ترين الآن وارى أنا "ان العراك مشتركين خير من الراحة والافتراق". فكم يجعل قُربُك الحياة حلوة وكم يجعل بُعْدُك الحياة غريبة في هذا المحيط الغريب وجافّة.
على ان اخبار ابتهاجك تجلب البهجة اليّ لأني احب واريد ان تكوني مبتهجة فليس اهنأ لنفسي من ان اراكِ وصغيرتينا صفية واليسار في حبور وانشراح.
عندما كان الرفيق نعمان ضَو هنا رغب اليّ ان تذهبي مع الصغيرتين لقضاء مدة عندهم في كوساته. وكنت اشور عليك ان تذهبي لولا علمي بمشقة السفر مع الطفلتين. وقد تلقيت كتاباً منه يكرر فيه الدعوة وسأشكره.
لابد من جلب كمية، نحو 200 كتاب من "الصراع الفكري" لأني اريد الابتداء بارسال كميات منها الى الوطن والبرازيل وافريقية الغربية ولست اثق بأحد لهذا العمل في بوانس أيرس. واقرب اعضاء الحزب في بوانس أيرس الى القيام بهذا العمل، السيد جواد نادر، هو اقلهم استحقاقاً للثقة ولم أكن قط ميالاً الى الركون اليه لما ظهر لي من ثعلبته وانحرافه نحو غاياته الخصوصية التي ظهرت مؤخراً بوضوح جديد في نشره كتاباً جمع فيه اخبار حوادث الوطن كما روتها الجرائد وظهر فيه انه يُبقي على علاقات ودية مع بعض المطرودين والمنبوذين من الحزب وانه يريد التزلف الى بعض الأشخاص وخصوصاً المتموِّلين والى بعض الاحزاب التي تلعب دوراً اليوم. فهو لم يقصد في كتابه نبش الحقائق ولا خدمة القضية السورية القومية الاجتماعية. وان رغبتي في نقل الكتب وجميع الكليشهات والحروف والاعمدة الرصاصية المختصة بالزوبعة اليّ مشفوعة بقصدي التخلص من علاقات هؤلاء الأشخاص بمسائل جريدتي وشؤون مكتب الزعيم فاني اريد ان أفصلهم، بطريقة غير علنية عن دائرة الزعامة وشؤون الزعيم. ويحتمل كثيراً ان يكون جواد نادر على اتصال بالمطرود الخائن المدعو جبران مسوح اكثر من أفيوني.
ارجو لك ولصغيرتينا الصحة والعافية والانشراح وان اراكن حولي قريباً واضمك اليّ ونرعاهما بيننا.


في 15 يناير 1946


كتاب تجاري يذهب مع هذا الى بوانس أيرس لك

المزيد في هذا القسم: « حبيبتي، حبيبتي، »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.